Tahawolat
في القسم الأول من هذا البحث نظرنا في نشوء اليوضاسية بوصفها ظاهرة "لادينية" (تتستر باليهودية التي هي دين مزيف) تقوم على التمييز الطبقي والخيانة القومية، وعلى الممارسة الاجتماعية السلبية المعادية للإنسان وللأمة العربية خصوصاً وللبشرية جمعاء عموماً، بما في ذلك للمولودين جسدياً كيهود. وفي القسم الثاني تابعنا المسلك "المافياوي" لليوضاسية في الحياة البشرية، خصوصاً في حياة الشعوب التي تكونت منها الأمة العربية. وفي هذا القسم الثالث والأخير نتابع الدور المعادي للإنسانية الذي تضطلع به اليوضاسية في حياة العالم، ونكشف بالأخص العلاقة العضوية لليوضاسية بنشوء الدولة والامبريالية الأميركيتين وبنشوء الستالينية والنازية ومعاداة الشيوعية:
 
14 ـ يعتقد الكثيرون من الوطنيين والتقدميين العرب والمسلمين ان العلاقات الأميركية ـ الصهيونية تعود الى نهاية القرن التاسع عشر وما بعد، اي فترة تبلور الحركة الصهيونية كحركة قومية ـ دينية رجعية موالية للرأسمالية والاستعمار ومعادية للشيوعية وحركات التحرر الوطني والاجتماعي العربية وغير العربية. وهذا الرأي هو بحد ذاته صحيح، الا انه غير كاف، ولا يضيء الا على جزء من الحقيقة. والواقع ان العلاقة الأميركية ـ الصهيونية هي علاقة عضوية وثيقة تعود الى نشأة الدولة الأميركية ذاتها. واذا كانت الدولة الأميركية ابادت جميع، اي عشرات الملايين من سكان أميركا الاصليين (الهنود الحمر)، واذا كانت أميركا هي اسوأ دولة امبريالية واستعمارية في التاريخ البشري، فهذا يعود اولا الى دور اليوضاسية اليهودية في تأسيس الدولة الأميركية كدولة فرنكشتانية متوحشة مهيأة لافتراس العالم. وقد اضطلع بهذا الدور اليوضاسيون اليهود الاندلسيون، الذين، بعد ان سقط الحكم العربي في الاندلس، اداروا ظهورهم للعرب و"تأوربوا" ثم "تأمركوا".
فبعد سقوط الاندلس بأيدي الرأسمالية الاستعمارية الاوروبية الصاعدة، المتحالفة تحالف اللصوص مع النظام الاقطاعي والكنسي الروماني، اخذت اوروبا الاستعمارية تتحفز من جديد للانقضاض على الشرق. وبدأت الرحلات البحرية والجغرافية الاستكشافية الكبرى، تحت ستار العلم والتجارة والتبشير المسيحي، في الظاهر، ولكن كمقدمات تجسسية واستطلاعية للاستعمار اللاحق، في الواقع. وطرحت من جديد فكرة تجديد الحروب الصليبية للاستيلاء على "الاراضي المقدسة"، واستعمار الشرق العربي الاسلامي ونهب خيراته غير المحدودة والسيطرة على موقعه الجغرافي الستراتيجي. ولكن اوروبا الاستعمارية ترددت في سلوك الطريق ذاته الذي سلكته الحملات الصليبية السابقة، لثلاثة اسباب هي:
اولاً ـ "الذكريات غير المشجعة" عن الهزيمة التاريخية للحملات الصليبية السابقة.
ثانياً ـ عدم الرغبة في استعداء العثمانيين، فيما اذا لم تُقِـم اوروبا الاعتبار لوجود امبراطوريتهم المستحدثة.
وثالثاً ـ عدم الرغبة في فضح وحرق "الورقة الاسلامية!" للعثمانيين، كحليف ستراتيجي لليوضاسية اليهودية العالمية ولاوروبا الاستعمارية، فيما لو "تفاهمت" اوروبا الاستعمارية على المكشوف مع الامبراطورية العثمانية، للعبور الى الشرق العربي.
وهكذا طرحت فكرة غزو الشرق العربي الاسلامي من الخلف، اي بعبور المحيط والدوران حول الكرة الارضية والوصول الى الهند، ومنها الى الشرق العربي الاسلامي (وبعد بضع مئات السنين عادت الادارة الأميركية، بقيادة جورج بوش، لتطبيق الفكرة ذاتها باحتلال "الموقع الخلفي" افغانستان تمهيدا لاعادة الهيمنة المباشرة على الشرق العربي الاسلامي).
ومع ان الكنيسة (كنيسة "روما" قاتلة المسيح) بزعامة الفاتيكان (المعني "روحيا" بالحملات الصليبية) لم تكن قد وافقت بعد رسميا على الاعتراف بكروية الارض، فإنها وافقت ضمنا، وتغاضت عمليا عن محاولة اجتياز المحيط للوصول الى الهند بطريق خلفي. وهكذا، مرة اخرى، كرس الفاتيكان "مبدأ" اولوية المصالح الاستعمارية الغربية حتى وهي تتناقض مع بعض "المفاهيم الابدية" للكنيسة.
ومن المؤكد انه في ظل "الحمى الدينية" التي رافقت "استرجاع" (ريكونكيستا) الاندلس كان من المستحيل، بدون موافقة او تغاضي الكنيسة، قيام الرحلة الاستكشافية الاستعمارية لكريستوفر كولومبوس. بل وأشيع ان الذي قام بتمويل رحلة كولومبوس هي ملكة اسبانيا التي كانت تسمى "ايزابيل الكاثوليكية"، مما يضفي على الرحلة طابعا كاثوليكيا واضحا، وان كان غير مباشر، اي بدون موافقة رسمية من قبل الكنيسة.
ولكن الصناعي الأميركي الشهير هنري فورد (في كتابه: اليهودي الأممي، الصادر باللغة العربية وغيرها، وانا اعتمد على الترجمة البلغارية الصادرة سنة 2002) يقول ان "الحكاية اللطيفة بأن الرحلة تم تمويلها بكنز مجوهرات الملكة ايزابيل، لا تصمد امام اي تقييم غير متحيز".
ويتابع هنري فورد قائلا: "ان تاريخ اليهود في أميركا يبدأ مع كريستوفر كولومبوس. ففي 2 آب 1492 تم طرد اكثر من 300000 يهودي من اسبانيا. وفي اليوم التالي، 3 آب، ارتحل كولومبوس نحو الغرب، يحمل معه مجموعة من اليهود. ولم يكن هؤلاء طبعا من اللاجئين، بل من اليهود النافذين الذين أثارت اهتمامهم المخططات المثيرة للفضول للرحلة البحرية. ويروي كولومبوس ذاته انه كان يتفاهم معهم بشكل جيد. واول رسالة بعث بها كولومبوس، يتحدث فيها عن اكتشافاته، كانت موجهة ليهودي".
ويذكر هنري فورد اسماء "ثلاثة من "المارانوس" او اليهود السريين (المتظاهرين بالمسيحية ـ ملاحظة مني ج.ح.) كانوا يتمتعون بنفوذ كبير في المملكة الاسبانية وهم:
لويس دي سانتاغيل ـ تاجر بارز من فالنتسيا ومستشار بالشؤون الضريبية لدى القصر الملكي؛ وقريبه غابرييل سانتشيز ـ محاسب ملكي؛ وصديقهما الحميم، مدبـّر القصر الملكي، خوان كابريرو".
وقد مارس هؤلاء الثلاثة تأثيرهم على الملكة ايزابيل، كي تدعم رحلة كولومبوس، وفي النهاية وافقت على رهن مجوهراتها من اجل تأمين المبلغ المطلوب للرحلة. "ولكن سانتاغيل تقدم برجاء ان يسمح له بأن يقدم وحده المال اللازم للرحلة، وهذا ما فعله"، حسبما يقول هنري فورد.

"ورافق كولومبوس في رحلته خمسة يهود: لويس دي توريس ـ مترجم، ماركو ـ جراح، برنار ـ طبيب عام، الونسو دي لا كالي، وغابرييل سانتشيز.
"ومقابل دعمهما لكولومبوس ودورهما في المشروع، حصل لويس دي سانتاغيل وغابرييل سانتشيز، على الكثير من الامتيازات".
ويندرج رأي هنري فورد (الذي كان من ألد أعداء الفكر الاشتراكي والشيوعي) في ما يمكن تسميته "وشهد شاهد من أهله". وأي دراسة لنشوء وتطور الرأسمالية والامبريالية الأميركية تؤكد هذا الرأي الذي يسلط الضوء تماماً على الدور اليوضاسي اليهودي في "اكتشاف" وبناء "العالم الجديد".
15 ـ بعد "اكتشاف" أميركا، لعبت الطغمة اليوضاسية اليهودية العليا دوراً مركزياً في تشجيع الهجرة (لا سيما هجرة الرساميل والمجرمين والعصابات الاجرامية) الى "أميركا" وابادة سكانها الاصليين واستعمارها. وبسبب من تعاونها الاوسع والاقرب مع البروتستانتية الانكلو ـ ساكسونية، كان النجاح في استعمار أميركا الشمالية اكبر منه في أميركا الجنوبية، التي غلب عليها الطابع الكاثوليكي اللاتيني، حيث طغت عملية التمازج مع السكان الاصليين مع سيادة العنصر اللاتيني، في حين ان عملية "التنظيف" او الابادة التامة للسكان الاصليين هي التي طغت في الشمال.
16 ـ بسبب ابادة السكان الاصليين في أميركا الشمالية، نشأت الحاجة الى اليد العاملة الرخيصة، خصوصا في الزراعة واستصلاح الاراضي "المملوكة" حديثا من قبل المستعمرين الجدد. فكانت الطغمة اليوضاسية اليهودية، ذات التجربة العريقة بتجارة الرقيق، هي المحرك الاساسي لعملية صيد البشر واستعبادهم في افريقيا، وبيعهم ونقلهم للعمل كعبيد في "العالم الجديد". وقد مات عشرات الملايين من هؤلاء البائسين في الطريق، قبل ان يصلوا الى "جنة العالم الجديد"، فكانت جثثهم ترمى في البحر، كنفايات او قاذورات او حيوانات نافقة، بدون اي طقوس دينية او غير دينية، وبدون اي اعتبار لقيمة الكائن البشري.
وهذا وحده كافٍ لان يستغرب اي كائن عاقل وشريف ان يتم الربط، بأي شكل كان، بين اليوضاسية وبين أي دين كان، بحجة انها ـ اي اليوضاسية ـ هي "يهودية".
17 ـ عشية الثورة الفرنسية وبعدها بدأ ينتشر الفكر الثوري والتقدمي والاشتراكي، ضد بقايا الانظمة القنانية والاقطاعية والرأسمالية، ويشمل قطاعاً واسعاً من العمال والفقراء والانتلجنسيا اليهود (الذين يعانون تبعات ارتكابات الطغمة العليا المالية والكهانية اليوضاسية "اليهودية").
وفي القرن التاسع عشر ظهرت الاشتراكية العلمية (او الشيوعية) على يد مفكر من اصل يهودي هو كارل ماركس. وهو ما تستغله الاوساط الامبريالية والرجعية المتعاونة معها للإدعاء بأن الشيوعية والصهيونية هما صنوان لمجرد ان ماركس هو من اصل يهودي. والواقع ان "يهودية" ماركس هي على قاعدة "لكل شيء ضده من جنسه"؛ اي تماماً كما جرى في عهد المسيحية الاولى، حينما ظهر يوحنا المعمدان والسيد المسيح وتلامذته من اوساط اليهود انفسهم. فالاصل النـَسَبي ليوحنا المعمدان والسيد المسيح وكارل ماركس لا يدل على "يوضاسيتهم اليهودية"، بل هو دليل قاطع على عدائهم الجذري لليوضاسية اليهودية التي كانوا هدفاً لغضبها الهستيري وانتقامها.
وقد جن جنون الطغمة المالية والكهانية العليا اليوضاسية اليهودية، بظهور الماركسية والحركة الشيوعية، فبدأ تنظيم الحركة "الصهيونية" والادعاء بأن اليهود هم "قومية"، بهدف اولي واساسي هو الوقوف ضد انتشار الشيوعية، خصوصاً بين اليهود. وبعد العداء للعرب وللروس، وللمسيحية والاسلام، تحوّل العداء للشيوعية الى حافز و"مكوّن فكري" اساسي لليوضاسية اليهودية في صيغتها السياسية المستحدثة: الصهيونية. واذا جاز لنا ان نشبه الاضلاع الثلاثة لمثلثي نجمة داود، فإن الضلع الاول (العبري) يرمز الى العداء لـ: المسيحية ـ الاسلام ـ الشيوعية؛ والضلع الثاني (الخزري) يرمز الى العداء لـ: الروس ـ العرب ـ الشيوعية. وفي انسجام تام مع نشأتها الطبقية، فإن الشعار الاساسي motto الجامع لليوضاسية اليهودية والصهيونية أصبح يتمثل في الضلع الثالث وهو: العداء للفكر الاشتراكي العلمي ـ الشيوعي الذي تمثله الماركسية.
18 ـ في 2 تشرين الثاني 1917، أي قبل 5 ايام فقط من الثورة الروسية، اطلقت الامبريالية البريطانية، المتحالفة عضوياً مع اليوضاسية اليهودية والصهيونية، ما يُسمى "وعد بلفور"، بقصد استدراج اليهود العنصريين لاقامة دولة يهودية تحمي المصالح الامبريالية، وخصوصاً منابع وممرات النفط المستخرج حديثاً، في المنطقة، والذي كان له ـ اي للنفط ـ دور رئيسي في هزيمة المحور الالماني في الحرب العالمية الاولى. وكانت الطغمة اليوضاسية اليهودية العليا والتنظيمات الصهيونية التابعة لها تتصور ان اليهود سيتهافتون على تلبية ندائها "القومي" المزيف. ولكن مع قيام ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى في روسيا في 7 تشرين الثاني 1917، اصيبت الحركة "القومية" الصهيونية والطغمة المالية اليوضاسية اليهودية العليا ومعها الامبريالية العالمية بأسرها، ـ بـ"فجيعة" مزدوجة هي:
ـ ان قلة تافهة جداً من اليهود الاوروبيين لبت "نداء" الذهاب الى فلسطين.
ـ وأن الغالبية الساحقة من الجماهير الشعبية اليهودية بما فيها غالبية الانتلجنسيا اليهودية اختارت التوجه في الاتجاه الآخر، اي الخيار الاشتراكي، إن في روسيا حيث كانت المشاركة الشعبية اليهودية في الثورة الاشتراكية مشاركة كبيرة جداً، وإن في اوروبا الغربية، حيث كانت مشاركة الجماهير العمالية والانتلجنسيا اليهودية في الاحزاب الشيوعية والاشتراكية ـ الديمقراطية مشاركة كبيرة جدا ايضا.
وهذه "الفجيعة" لليوضاسية اليهودية والصهيونية والامبريالية لعبت دورا مركزيا في تقرير المصير الفاجع لاحقا لشعوب اوروبا والعالم، بما في ذلك وبالاخص للجماهير العمالية والشعبية اليهودية في اوروبا، نتيجة اتجاه اليوضاسية اليهودية والصهيونية للتآمر على الجماهير العمالية والشعبية اليهودية ذاتها.
19 ـ مدفوعة بـ"الفجيعة" الآنفة الذكر، عمدت الطغمة اليهودية اليوضاسية العالمية، ولا سيما عبر الحركة الصهيونية المنظمة التي تحولت الى ما يشبه "حكومة يهودية عالمية"، ـ الى التآمر مع البيروقراطية الحزبية ـ الدولوية السوفياتية بقيادة الخائن ستالين، لحرف السلطة السوفياتية الجديدة عن طريقها الصحيح، ولسحق الحركة الشيوعية في روسيا، وخاصة الانتقام من الحركة الشيوعية في صفوف الجماهير اليهودية، وهذه المؤامرة هي الاساس السياسي للارهاب الستاليني المعادي للشيوعية، الذي بدأ بمحاولة اغتيال لينين في آب 1918، ثم شله فقتله بواسطة العلاج الخاطئ في 1924، ثم التصفية الجسدية لأغلبية اعضاء الحزب البلشفي الذين شاركوا في الثورة الاشتراكية في 1917، وإعدام عشرات الملايين من ابناء الشعب الروسي وعشرات الالوف من ضباط الجيش الروسي، الذين كانوا يعملون على بناء الاشتراكية وحمايتها من الخطر النازي القادم.
20 ـ ومدفوعة بـ"الفجيعة" ذاتها، عملت الطغمة اليهودية اليوضاسية العليا والحركة الصهيونية العالمية على التآمر مع الحركة الاشتراكية ـ القومية (النازية) بقيادة ادولف هتلر، ومع الاممية الاشتراكية ـ الديمقراطية الموالية للامبريالية بقيادة كاوتسكي، ـ لمواجهة وسحق الحركة الشيوعية في اوروبا الغربية، خصوصا في صفوف الجماهير العمالية والانتلجنسيا اليهودية؛ وبدأت هذه المؤامرة باغتيال وتصفية القائدين الشيوعيين روزا لوكسمبورغ (اليهودية الاصل) وكارل ليبكنخت و15 الف عامل شيوعي (قسم كبير منهم شيوعيون يهود) في برلين في 1919، وكانت ـ اي هذه المؤامرة ـ في اساس ما سُمي فيما بعد الهولوكست، اي عملية الابادة الموجهة ضد الشيوعيين اليهود والجماهير الشعبية اليهودية المؤيدة للشيوعية والاشتراكية والمعارضة للصهيونية، بشكل خاص، وضد الشيوعية بشكل عام.
21 ـ وقد كانت هذه السياسة التآمرية العدوانية والوحشية للطغمة اليهودية اليوضاسية العليا والصهيونية العالمية احد الاسباب الرئيسية لاندلاع الحرب العالمية الثانية، ومهاجمة هتلر للاتحاد السوفياتي، وهو ما ادى الى هلاك حوالى 60 مليون إنسان، منهم 30 مليون سوفياتي.
22 ـ وقد انتهت هذه التراجيديا الكابوسية للإنسانية بأسرها بالاتفاق بين العميل السري للصهيونية ستالين وبين روزفلت وتشرشل على حل "الكومنترن" (الاممية الشيوعية) لمصلحة الامبريالية العالمية، وعلى الموافقة على تقسيم فلسطين واقامة اسرائيل، لمصلحة الصهيونية العالمية، واخيرا على اجبار قيادات الاحزاب الشيوعية في منطقة النفوذ السوفياتية (في اوروبا الشرقية) على اصدار قرارات حزبية تقضي بإرسال يهود اوروبا الشرقية الى اسرائيل، بصرف النظر عن معارضة قسم كبير منهم لتلك القرارات. وقد شذ عن ذلك فقط الحزب الشيوعي اليوغوسلافي، بقيادة تيتو، التي كانت على نزاع مع ستالين، الخائن الاكبر للشيوعية. وكانت القيادة اليوغوسلافية تؤيد اقامة دولة فلسطينية واحدة. وهو ما جلب في وقته على تيتو والحزب الشيوعي اليوغوسلافي ويوغوسلافيا الغضب المشترك للامبريالية والصهيونية العالمية والستالينية. وفي نهاية القرن العشرين تمت مهاجمة وتدمير وتفتيت الدولة اليوغوسلافية الموحدة، من قبل أميركا وحلف الناتو، بدعم كامل من قبل البيروقراطية السوفياتية الغورباتشوفية، خليفة الستالينية العميلة للامبريالية والصهيونية.
23 ـ وما نشهده اليوم، فيما يسمى "العولمة" الأميركية، هو مظهر بارز من مظاهر نجاح اليوضاسية في "التهويد" التام للمجتمع الامبريالي، حيث تنفصل "اللعبة المالية" اليهودية انفصالاً متزايداً عن عملية الانتاج والتجارة الكلاسيكية، بحيث ان قلة من كبار المليارديرية والادارة التكنوقراطية المرتبطة بهم تتجمع خلف المحيط، وتتحكم بعملية الانتاج والتوزيع والاستهلاك في العالم بأسره، بواسطة وسائل الاتصال الحديثة، فتحكم على مصائر بلدان وقارات كاملة بالموت او الحياة، وعلى قطاعات انتاج كاملة بالاستمرار او التوقف، وتشن الحروب اينما تشاء، وتطلق الاوبئة هنا وهناك وتتحكم بالادوية والاغذية كما تشاء؛ من دون ان تحتاج ـ هذه القلة – الى الاقتصاد الوطني في اي بلد كان بما في ذلك أميركا ذاتها، اذ انها تصبح متحكمة، في كل لحظة بلحظتها، بالعملية الانتاجية والوجود الإنساني بأسره في الكرة الارضية بكاملها. وللاسف ان بعض "المثقفين" الماركسيين المزيفين والستالينيين الحقيقيين، مثل فؤاد النمري، يستدلون من ذلك على ما يسمونه "زوال الرأسمالية والامبريالية" في أميركا، حيث ان العملية الانتاجية "الرأسمالية الكلاسيكية" لم تعد تتعدى 17% من الاقتصاد الأميركي. ويقول هؤلاء ان أميركا دخلت في عصر ما يسمونه "الاستهلاكية"، كأنما يوجد "استهلاك" و"استهلاكية" بدون "انتاج" و"انتاجية". ولكن هذه العين الستالينية العوراء لا ترى ان شعوب العالم بأسره تتحول الى "عبيد" حقيقيين لدى "أميركا الاستهلاكية"، وان هذه "الأميركا الاستهلاكية" تصبح عالة طفيلية على العالم بأسره، وليس فقط على "الطبقة العاملة الأميركية"، وبالتالي ان القضاء على النظام القائم في "أميركا الاستهلاكية" وعلى رأسه اليوضاسيون والمتمولون اليهود والانكلوسكسون، الاصدقاء القدماء ـ الجدد لستالين والستالينيين والنيوستالينيين، يصبح مهمة آنية شديدة الالحاح امام الإنسانية بأسرها وعلى رأسها الأمة العربية المظلومة، المنكوبة باسرائيل والاحتلال الأميركي ـ اليهودي اليوضاسي.
 

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net