بمناسبة رأس السنة أقيم أضخم عرض للألعاب النارية في دبي حول برج خليفة، أطول مبنى في العالم. قدرت الكلفة بحوالي 40 مليون دولار. وقد أثار هذا الحدث تعليقات متباينة: شعر بعض اللبنانيين بالمنافسة لأن دبي تجذب السياح وتشد الاهتمام وكأنها أخذت شيئاً من رصيد لبنان ووهجه، بعضهم اعتبر ان الكلفة هي نوع من التبذير كان افضل لو وزعت على النازحين والمحتاجين في الدول العربية المأزومة، وبعضهم الآخر اعتبرها محاولة لخطف دور لبنان.
هذا الحدث وغيره من المظاهر والمبادرات التي كان يحتكرها لبنان ويتفرد بها بين دول المنطقة وأصبحت موجودة في اكثر من مشيخة وامارة خاصة في دبي، هي مناسبة للتفكير المشترك حول الوضع الذي وصل اليه لبنان.
أبعد من طاولة الحوار التي لن تعقد ولن تثمر بالمدى المنظور. مطلوب حوار عام وعلى صوت عال بين جميع اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم
بعيداً عن المهاترات السياسية، لان لبنان بدأ يفقد مبرر وجوده والطبقة السياسية من رجال سياسة وثقافة تتلهى بالمغانم وتصفية الحسابات والتعصب والحقد.
تميز لبنان وكان محط أنظار ورحال العرب، لانه امتلك مجموعة خصائص افتقدتها بلاد العرب، منها الخدمات المتطورة في المصرف والجامعة والمستشفى والاعلام والسياحة ومظاهر الحداثة وآخر الصرعات من الموضة الى الثقافة. نجح لبنان لانه كان سوقاً حرة وصندوق فرجة محاطاً بانظمة التأميم والشمولية الجمهورية والملكية.
بعد طفرة الازدهار العربي وتطور قطاع الخدمات فيها وغزو الحداثة، ولو الشكلية، عدداً من الدول، لا سيما الخليجية، بفضل البترودولار وتمثل النموذج الغربي، ما هي القيمة المضافة للبنان؟ ماذا بقي من فرادته؟ ما هو مبرر وجوده واستمراره وازدهاره؟
هل صحيح ان ما تبقى من طبيعة غير ملوثة والكازينو هما آخر ما يملك لبنان من رصيد لم يستهلك نهائياً بعد؟
بعيداً عن الحسد والغيرة من أي دولة تسعى الى التقدم، متى نفكر ونعمل معاً كمواطنين من اجل تجديد معنى لبنان ودوره في زمن التحولات الكبرى ؟
... ماذا يفيد البكاء على أطلال مُلك خسرناه؟
