Tahawolat
 
تشهد هذه الأيام عودة قوية للنقاشات التي يختلط فيها الديني بالسياسي، فلا يدري المرء حدود مساحة كل منهما ومدى تداخله وترابطه ولمصلحة من يدور النقاش بحماوة وعلى حساب من، وهل يستغل الديني خدمة للشعارات والعناوين السياسية، أو  يستحضر لشد الهمم وإذكاء نار العصبيات، فالمسألة تبدو ملامحها واضحة إذا تخلينا عن لغة المتاريس والتقاذف وإتقان أسلوب الحشد والتجييش، لنرى قوة عضلاتنا في فهمنا الواعي والدقيق لخلفياتنا وأصولنا الدينية في مدى خدمتها وتوظيفها البريء من أجل قضايا الأمة بعيداً عن منطق الانتماء الحزبي الضيق، فنكون من ينتمي إلى دويلات الأحزاب والطوائف ممارسة بدل الانتماء إلى سياسة الحفاظ على مصالح الأفراد والجماعات عندها تذوب كل الخلافات، وتصغر كل الشعارات تحت عنوان الهدف الكبير :»دولة المواطنة والإنسان» فلا يمكن الشعور  بكيان الدولة والسلطة الفاعلة من دون أن يشعر الفرد أنه حر يحيا إنسانيته بشكل طبيعي دون ضغوطات، فيعيش المواطن أكثر عمقاً وممارسة في انتمائه حتى خارج الحدود الجغرافية المصطنعة في الكون الكبير، هل وصلنا إلى مرحلة أصبحت فيه الأمة مؤهلة وعلى درجة من الوعي والنضج لمراقبة ومحاسبة الطبقات السياسية التي تنتجها، مع مراعاة أن هذه الطبقات تمارس دورها الحيوي لمراقبة مسيرة الأمة ومتطلباتها، سؤال برسم الجيمع؟.
فالدين أياً يكن يخلق في روح المجتمع رقابة ذاتية لا تخضع لتكليف رسمي ولا وظيفة تقليدية بل تلتزم الشعور الإنساني والحس الاجتماعي الواعي بمصالح العباد والبلاد تتحول إلى قوة دافعة وإلى قوة رادعة على أساس الانسجام مع وعي المسؤولية وحيويتها في حركة الإنسان وهنا نعرف مدى ما تقوم به المؤسسات من دور عبر تاريخها فلا يكفي أنها تنتسب إلى دين وتتمترس خلف أشياعه وجعلهم وقوداً لمصالحها فهذا قمة السقوط والجهل، فلا يمكن لرجل الدين أو السياسة أن يكون انعزالياً وانتهازياً إذا كان يعيش مسؤولية الوعي والعلم...
عندما نمارس دور الرقابة على أنفسنا في مدى ممارستنا لحسنا الإنساني والاجتماعي ووعينا لأهداف مسيرتنا الإنسانية في هذا الوجود نشعر أكثر بمواطنيتنا وإنسانيتنا في الانتماء إلى فضاء الكون الواسع لا فضاءات الطوائف والأشخاص وطقوسهما، لأن طقوس الأنسنة والمواطنة ليس لها حد بل تسير في قلب الزمن، وتتطور أشكال التعبير عنها بمدى تطور الإنسان في سيره الحضاري وهنا تكمن فلسفة الالتزام الإسلامي السياسي في سعيها الدؤوب إلى تحقيق الهدف الكبير في حفظ الإنسان وصيانة كرامته فلا تقف عند حدود السياسة وصنمية الأشخاص

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net