Tahawolat

كان اسمه يترافق مع الكثير من أحداث الحزب، فأعرف عنه من دون أن أتعرّف إليه، إلى أن سمعت عنه كثيراً من الأمين انطون خليل مع بدء سنوات الحرب اللبنانية، فقد كان الأمين منصور يملك شقة رحبة في منطقة الجناح، مجاورة للاونيسكو – مار الياس بطينا، وكان الأمين انطون والرفيقة ايلان يترددان إليه، خاصة عندما اضطرّا لمغادرة المتن الشمالي بعد استشهاد شقيقيه جورج وجوزف خليل.


ومضت الأيّام فتوليتُ مسؤولية عميد شؤون عبر الحدود في فترة متقاربة مع إصدار الأمين منصور عازار، لمجلة اغترابية باسم "المنبر". ورحت أعرف من شقيقي الصحافي جورج ناصيف عنها، عن الأمين منصور وعن مدير تحريرها الرفيق ميشال فضول الاشقر. رحت أترقّب صدورها بشوق، واهتمام، فقد كانت غنية جداً بالمقالات والمعلومات والتحقيقات الاغترابية، وكان لها انتشار واسع في عالم الاغتراب، الى ان رحنا نلتقي.


اذكر ان اللقاء الاول الذي جمعني بالاخ الصديق محمد عبيد(1) في فندق كورال بيتش، وكان مسؤول العلاقات الخارجية في حركة امل، تمّ بدعوة من الأمين منصور عازار، بهدف التنسيق في العمل الاغترابي.


ثم رحت التقي كثيراً الأخ الصديق وليد بركات(2)، والرفيق ميشال فضول الاشقر(3) وكان الأمين منصور عرّاب كل تلك اللقاءات، مساهماً باهتمام وجدية بكل ما يفيد عمل الحزب عبر الحدود.


مضت سنوات، وراحت العمدة تعنى بموضوع الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، وبالمجلس القاري الأفريقي، الذي كان يرأسه الصديق الحاج نجيب زهر، وكان لا بد ان يكون الأمناء والرفقاء المتمتعون بحضور متقدم حزبياً، معنيين باللقاءات الكثيرة التي كانت تجري منذ اوائل التسعينات ويتمّ البحث فيها بموضوع الجامعة، واني اذ اذكر البعض منهم اعتذر عن إيراد الجميع، فاللائحة طويلة وكي لا يسقط أي اسم سهواً:


الأمناء: رشيد رسامني، مصباح ضاهر، عادل شجاع، احمد عز الدين، مسعد حجل، فاروق ابو جودة.


والرفقاء: فؤاد خليفة، فؤادغندور، نمر ثلج، احمد بشير، جميل راجح وعادل زيدان.


شهادة حق: لم يكن الأمين منصور يغيب عن أي اجتماع، او يقصّر في اي واجب او عمل. دائماً كان شعاره مصلحة الحضور الحزبي في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم وفي المجلس القاري الافريقي.


كم كان مجابهاً، واضحاً، ومصارعاً مع مختلف الأطراف الرسمية، والاغترابية. عماده في ذلك ثقافة قومية اجتماعية وعامة، شخصية قوية ومواجهة، وحضور اغترابي واسع.


وكنت، كعميد لشؤون عبر الحدود اتصل به باستمرار، فهو خزان اغترابي يفيد كثيراً أن ترجع إليه في كثير من المواضيع.


وهو دائماً حاضر وملبٍّ، يقدم الرأي والنصيحة، وينفذ إذا وصله القرار.


كما اتصل بكل أمين ورفيق يملك معرفة ودراية في العمل الاغترابي، فيكونون الى جانب العمدة في تنكبها لمسؤولية العمل القومي الاجتماعي عبر الحدود.


وهنا لا بد ان اشير بتقدير كبير الى المراكز الهامة التي تبوأها رفقاء لنا في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، فالأمين منصور عازار والرفيق فؤاد غندور تولّيا، في مرتين منفصلتين، الامانة العامة للجامعة، الأمين مسعد حجل رئاسة الجامعة، الأمين احمد عز الدين المسؤولية المالية لسنوات عديدة، الأمين فاروق ابو جودة أميناً عاماً مساعداً في الجامعة، ومستشاراً لرئيسيها الاستاذ احمد ناصر، فالأمين مسعد حجل. الرفيق نمر ثلج ناشطاً في المجلس القاري الافريقي، أميناً عاماً له في الفترة الاخيرة، وغيرهم في العديد من البلدان التي إذا رغبنا تعدادها لزم تخصيص فصل خاص، وأكثر.


أمر آخر كان يجمعني بالأمين منصور عازار وهو عند ترؤسه المجلس القومي، كان الأمين عادل شجاع نائباً له والأمين يوسف فضول ناموساً. كنت في حينه ناموساً للمجلس الأعلى الذي رأسه الأمين محمود عبد الخالق.


شهادة حق أخرى: ربما كانت المرة الوحيدة التي انتظمت فيها اعمال هيئة المجلس القومي، حضوراً في مكتبها في مركز الحزب، واهتماماً لجهة صدور ما ينظم أعماله، هي في فترة تولي الامناء الثلاثة المذكورين آنفاً.


كانت اللقاءات تعقد في مكتب رئيس المجلس الاعلى، فأحضرها، واتابع وحضرة رئيس المجلس الأعلى مع رئيس المجلس القومي، نائبه وناموسه، كل ما يفيد عمل المجلس.


كان محاوراً بالعقل والمنطق. لا يتشبث برأي إن وجد نفسه مخطئاً فيه. كان التعاون وثيقاً. مؤسسياً، وقومياً اجتماعياً.


وابتعدت عن لقاء الأمين منصور، وقد انصرفتُ كلياً الى موضوع تاريخ الحزب. كنت من جهة أشعر بالحاجة لأن أراجعه في الكثير من محطات تاريخنا، انما من جهة ثانية كانت الظروف الضاغطة تحول دون زيارته، إلا لماماً، فأغتني بما تكتنز ذاكرته العجائبية من معلومات تصبّ في مصلحة تاريخنا. إلى أن اتصل بي قبل رحيله بعشرة ايام فتوجّهت اليه اتسلّم ما أعدّه لي من معلومات عن الأمين أمين الاشقر، ومفكرة الأمين التي كان يحتفظ بها، ولولاه لما تمكّنت من إصدار نبذة تعريفية عن  الأمين أمين الاشقر. كان اللقاء الأخير، وربما كان عمله الأخير في سبيل حزبه.


أشعر اليوم وقد رحل، أني اخطأت كثيراً. كان يجب أن أقصده اكثر. ان اسجل له معلوماته عن محطات عديدة من تاريخ الحزب في المتن الشمالي، وفي أمكنة اخرى عبر الحدود كان تواجد فيها، وان اضيء، بفضل المعلومات التي يملكها، عن الكثيرين من رجالات الحزب، الذين عرفهم على مدى سنوات التزامه ونشاطه الحزبيين، منهم جورج مصروعة، ميشال فضول الاشقر، البير ضومط، فضل عقاد، محمد شلبي، عبد القادر تحوف، وغيرهم وغيرهم ...

رحمك الله، يا أمين منصور عازار. يا ليتنا، كلنا، نرى في رفقائنا ما يملأ "كوبهم" من مزايا، لا بما ينقص.


هوامش


(1)    تولى لاحقاً مهام المدير العام لوزارة الإعلام. باحث سياسي معروف.

(2)    كان من الأساسيين في هيئة تحرير "المنبر". يتولى حالياً مسؤولية قيادية في الحزب الديمقراطي اللبناني.

(3)    من مؤسسي العمل الحزبي في بيت شباب. أحد أصحاب مطابع فضول (الجميزة) التي كانت تطبع فيها جريدة "الجيل الجديد".



في المؤتمر الاخير الذي عقده المجلس القاري الافريقي في بيروت، وبناء لاقتراح من وفد الجامعة اللبنانية الثقافية في الكاميرون، قرر المؤتمر بالاجماع تسمية دورته باسم الأمين منصور عازار تقديراً منهم لحضوره الطويل في عالم الاغتراب بشكل عام، وفي الجامعة اللبنانية الثقافية بوجه خاص.


آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net