Tahawolat

قبل الحديث عن تاريخ المسرح، لابد من تعريف له، فالمسرح أو الفن الدرامي هو تأليف أدبي مكتوب بالنثر أو الشعر بطريقة حوارية، وهو موجه للقراءة أو العرض. ويستعين المسرح الدرامي بمجموعة من العناصر الأساسية أثناء العرض مثل: الكتابة والإخراج والتأويل والديكور والملابس. وقد يكون المسرح في تاريخه القديم ناتجاً عن الرقص والغناء.


فبدايات ظهور المسرح تأخذنا الى اليونان حيث ظهر في القرن السادس قبل الميلاد، ويعد كتاب أرسطو( فن الشعر) أول كتاب نظري ونقدي لشعرية المسرح وقواعده الكلاسيكية، وقد نشأ المسرح التراجيدي حسب أرسطو من فن الديثرامب الذي يمجد آلهة ديونيزوس بالأناشيد والتاريخ.


وإذا ما عدنا إلى المسرح العربي، نرى انه بدأ بالظواهر الدرامية الشعبية التي ظل قسم منها مستمراً حتى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، أما القسم الآخر فما زال يقدم حتى الآن مثل ( فنون الرقص الغجرية)، (الكاولية)، (القراقوز )، (خيال الظل)، التي كانت سبباً  لظهور أشكال مسرحية مهمة أخرى مثل :


( الأخباري) و(السماح)، (حفلات الذكر)، ( المولوية ) في المشرق العربي و( مسرح البساط ) ، ( صندوق العجائب ) ، (المداح )، ( الحكواتي )، ( إسماعيل باشا).


.أما البداية الفعلية للحركة المسرحية العربية في لبنان وسوريا فيمكن تأشير مراحلها بالآتي :


1-  1847محاولة النقاش حين قدم مسرحية ( البخيل ) عن مولير .


2-  الترجمات: حيث نقل ( شبلي ملاط ) مسرحية (الذخيرة) عن الفرنسية ومسرحية ( شرف العواطف )، وكذلك في ترجمة ( أديب إسحاق ) مسرحية راسين ( أندروماك ).


3- التاريخية : هي مرحلة بعث التاريخ الوطني العربي التي من خلالها كتب (نجيب الحداد ) مسرحية ( حمدان ) والتي استمدها من حياة ( عبد الرحمن الداخل ) .


4- الواقعية الاجتماعية: وتمثلت في كتابات جبران خليل جبران الذي كتب مسرحية (ارم ذات العماد ).


ومسرحية ( الآباء والبنون ) التي كتبها ميخائيل نعيمة سنة 1977 وهذه المرحلة دخلت إلى لبنان عن طريق حركة أدباء المهجر في أمريكا .


أما في سوريا فقد بدأ المسرح من فن ( الكراكوز ) الذي كان يقدم في المقاهي مع شيء من رقص ( السماح )، ومن أشهر لاعبي ( الكراكوز ) كان الفنان (محمد حبيب ).


وفي سنة 1878، كان في سوريا الشيخ ( أحمد أبو خليل القباني 1833 – 1903 ) الذي مارس نشاطه مع زميل له هو الممثل ( اسكندر فرح 1851- 1916)، بتشجيع من الوالي التركي ( مدحت باشا ) شكّلا فرقة مسرحية دائمة للتمثيل، قدّما من خلالها مسرحية ( عايدة) ومسرحية ( الشاه محمود )، واستطاعا بمرور الزمن استقطاب الطبقة الواعية المثقفة، وازدهر المسرح خلالها، لكن وقوف بعض رجال الدين ضدّه أدى إلى إغلاق مسرح القباني .


فتوجه ( القباني ) إلى الإسكندرية في 24 / تموز /1884 مع زميله ( اسكندر فرح ) وعرضا على مسرح الأوبرا مسرحية ( الحاكم بأمر الله ) التي حضرها ( الخديوي توفيق ) وكان هذا أول عمل لهما وظل (القباني ) يعمل على مسارح القاهرة حتى عام 1900، عاد بعدها إلى دمشق فأعاد بناء مسرحه ، وباشر عمله ونجح نجاحاً كبيراً لشهرته ومواهبه في الموسيقى والتلحين والتأليف واستمرّ حتى مات في 21- كانون الثاني –1903


أما في العراق فإن النشاط المسرحي قد بدأ في المدارس الدينية والأديرة، حيث يشير إلى ذلك ظهور أول مسرحية مطبوعة عام 1893 في مدينة الموصل، صادرة عن دير الآباء الدومينيكين اقتبسها عن الفرنسية (نعوم فتح الله سحار ) عنوان المسرحية ( رواية لطيف وخوشابا) عن الأصل الفرنسي (FANFAN ET COLAS) وكان قد قدّمها في العام 1893 ذاته .


ومنذ نهايات القرن الماضي استمرّت الحركة المسرحية ( دينية ) حيث نقلها القُسس المسيحيون خلال رحلتهم الدراسية إلى كل من فرنسا وروما، واقتباسهم وترجمتهم إلى المسرحيات التي شاهدوها أو قرؤوها فنقلوها معهم وقدموها في العراق لكن هذه البداية ظلت ضيقة ولم تتطوّر لأنها ظلت حبيسة في الكنائس والأديرة الدينية.


وفي مصر يختلف الباحثون وعلماء الآثار حول حقيقة المسرح المصري وهل عرف المصريون القدماء فن المسرح..؟.. فالنقوش التي اكتشفت على جدران المعابد، تدل على وجود عنصر الدراما في ذلك المسرح القائم على الأساطير الدينية وخاصة أسطورة (إيزيس وأوزوريس) _إله الخير_ في صراعه مع إله الشر (ست) ولكن (حورس) بن ( أوزوريس) ينتقم لأبيه.


وأياً كان ذلك فقد وردت الإشارات التي تؤكد أن العرب عرفوا أشكالاً تشبه الأشكال المسرحية المعترف بها مثل ( مسرح خيال الظل) والذي نضج على يد الفنان الشاعر محمد جمال الدين بن دانيال، فضلاً عن أشكال ( صندوق الدنيا – ومسرح السامر- ومسرح المحبظي)

وفن المسرح بمفهومه الحالي لم يعرفه العرب إلا أثناء وجود الحملة الفرنسية في مصر. إذ كانوا قد جلبوا معهم الممثلين والمخرجين والكتاب، وأقاموا بعض المسارح الخشبية ليمثلوا فيها بالفرنسية بعض الروايات للترويح عن جنودهم، وكان الشعب يسترق النظر من خلال الألواح الخشبية لكي يشاهد ما يجرى على تلك المسارح.


وظهر أول رواد المسرح المصري، وهو يعقوب صنوع الشهير بأبي نظارة الذي حاول أن يجعل للمسرحية رسالة اجتماعية هادفة رغم البداية كانت غنائية حتى لا يصدم مشاعر الجماهير التي اعتادت الطرب، ولاقى صنوع نجاحاً لافتا للنظر، مما حدا بالخديوي أن يطلق عليه (موليير مصر)، ولم يدم ذلك طويلا، إذ اصطدم صنوع بالسلطة عندما تعرض من خلال مسرحياته إلى مناقشة بعض الأوضاع الاجتماعية السائدة، فأدت إلى سخط إسماعيل، وأغلق مسرحه بعد عامين من افتتاحه، ومن أهم الأعمال التي قام بها صنوع إشراك المرأة العربية في التمثيل.. وكان جمهور صنوع في تلك الفترة من الطبقة الجديدة التي تبلورت في صورة كبار الموظفين والضباط، فملكت هذه الطبقة الوقت والمال والتعليم والاختلاط بالأجانب، وتطلّعت إلى الترويح عن نفسها، وظل جمهور المسرح وقفا على هذه الطبقة، ولم ينتشر انتشاراً واسعاً ليضم قطّاعات عريضة من الجماهير المصرية.


وفي عصرنا الحالي، اشتهر نجوم كثر وقفوا على المسرح العربي، نذكر منهم سميحة أيوب التي لقبت بسيدة المسرح.. وسيدة الكلمة.. وصاحبة أقوى صوت مسرحي.

عطاؤها زاخر بالأعمال فقد بلغ رصيدها على المسرح على مدار مشوارها الفنى ما يقرب من 170 مسرحية، منها (رابعة العدوية وسكة السلامة ودماء على أستار الكعبة وأجاممنون ودائرة الطباشير القوقازية)، وأخرجت للمسرح مسرحيتين هما (مقالب عطيات وليلة الحنة)


وفي سوريا نذكر منى واصف التي أطلق عليها سيدة المسرح السوري لعملها في ثلاثة أدوار مختلفة في موسم واحد وهي: دور المناضلة في مسرحية "موتى بلا قبور" للكاتب الفرنسي سارتر، ودور الخادمة في مسرحية "طرطوف" لموليير، ودورها في مسرحية "لكل حقيقته" للإسباني بيرانديللو، وقد أبدعت في هذه الشخصيات، كما قدمت (تاجر البندقية) لشكسبير، ومن إخراج رفيق الصبان. عُرضت المسرحيّة على خشبة «الحمراء»، وفي مدرج بصرى الأثري، وفيها أدّت منى دور الدوقة بورشيا: تقول «كنت مجرد فتاة جميلة في المسرح العسكري أؤدي أدوار الكوكيت. «تاجر البندقية» حضرها جمهور راقٍ لم أعتده، عشتُ نجاح المسرحية، وهذا دغدغ علاقتي بما هو ملكي.


وفي لبنان نذكر نضال الأشقر التي لعبت دوراً أساسياً في الستينات والسبيعنات في تحريك الحركة المسرحية اللبنانية ‏والعربية، بهدف تجديد رؤاها، لغتها وأدواتها.


خلال فترة تألق الحركة المسرحية الطليعية، ‏التي عرفها لبنان، أسّست مع مجموعة من الفنانين « محترف بيروت للمسرح»، كذلك أسست أول فرقة ‏عربية تجول العالم العربي «الممثلون العرب»، انطلقت من عمان لتتوج جولتها في لندن.


ساهمت ‏من خلال عشرات الأعمال المسرحية، في إخراج المسرح اللبناني من نجوميته الى مجاله الشعبي.


أعمالها نذكر منها:‏ ‏- السرير الرباعي الاعمدة، إخراج روجيه خوري.

‏ ‏- رومولوس الكبير، إخراج ريمون جبارة.

‏ ‏- الآنسة، طبعة خاصة، المفتش العام في العام 1966 - 1967 .

‏ ‏- مجدلون 1، مجدلون 2، كارت بلانش في العام 1970.

‏ ‏- إضراب الحرامية، إزار، مرجان ياقوت والتفاحة (محترف بيروت للمسرح - نضال الأشقر وروجيه ‏عساف).

‏ ‏- البكرة، اخراج فؤاد نعيم وتأليف بوول شاوول 1973.

‏ ‏- المتمردة، إخراج فؤاد نعيم وتعريب بوول شاوول 1975، ‏ ألف ليلة في سوق عكاظ، تأسيس فرقة الممثلون العرب، إخراج الطيب الصديقي، فكرة نضال ‏الاشقر، كتابة د. وليد سيف.

‏ ‏- الحلبة، إخراج فؤاد نعيم وكتابة بوول شاوول 1992.

‏ كذلك لعبت أدواراً عديدة في اللغتين الفرنسية والإنجليزية في فرنسا ولبنان.

‏ أخرجت:‏ ‏1- مسرحية «طقوس الإشارات والتحولات» من تأليف سعد الله ونوس في العام 1996.

‏ ‏2- مسرحية «3 نسوان طوال»، ادوار البي 1999 2000.

‏ ‏3- مسرحية «منمنمات تاريخية»، تأليف سعد الله ونوس 2000 - 2001.


فهي سيدة المسرح اللبناني بامتياز بصوتها القوي،الصارخ بالحق، الفن والجمال.


إرتبط إسمها «بمسرح المدينة» في بيروت، فأعادت له رونقه ليكون في حلّة جديدة ‏وبهية، بعد أن كاد يغيب نهائياً عن الساحة الثقافية.


ح

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net