Tahawolat
نلتقي اليوم في عينطورة هذه القلعة الحصينة المحفورة بالصخر وقد تربعت على الذرى كأعشاش النسور لا تلوي هاماً لعواصف ولا تحني قامة لتحديات. القلعة الحصينة بأهلها الذين اكتسبوا من طبيعتها العالية سمواً ومن جبالها صموداً ومن جرودها شدة.
وما أدراك ما عينطورة؟!
 عينطورة الموقف المشرف في الملمات، عينطورة الرجال في الأيام العصيبة.
 عينطورة نبع الأدمغة والرجالات الذين طبقت شهرتهم الوطن والمغتربات، حتى ليصحَ القول: هل لك أن تأتيني بمثلهم يا زمن؟
عينطورة الأطباء المميزين، والمهندسين المتفوقين، والمحامين المهرة، ورجال الأعمال الكبار، والفنانين المبدعين، وأهل بلدي الذين فخرت بهم أينما ذهبت، وكنت مليئاً بالعز لانتمائي إليهم!
عينطورة المغتربين الذين اكتسبوا من موقع بلدتهم كهمزة وصل بين البقاع وما وراء البقاع والجبل اللبناني والساحل اللبناني خبرة العمل الذكي والمنتج في أصعب الظروف والحروب ليبنوا إمبراطورية التجارة والصناعة والمال في العالم.
عينطورة الزوبعة المرفرفة فوق قمم لا ترتادها سوى النسور، عينطورة الإيمان الذي لا يتزعزع ولو كانت الحياة ثمناً لأجله، عينطورة الشهداء العزل الذين لا يتراجعون أمام القتلة المدججين بالسلاح وجنون القتل المدمر لبنان والإنسان فيه، عينطورة الأمين الشهيد نسيب عازار ورفاقه الأبرار يرفضون أن يتم عصبُ عيونهم وهم يتعرضون للقتل من سفاحين مجرمين باسم السياسة الرخيصة. الشهداء الذين سقطوا في مجزرة بشعة يندى لها جبين الإنسانية رفضوا مغادرة البلدة، لأنها بلدتهم ولأنها قلعتهم فلمن يتركون القلعة ولماذا يترك القلعة جنودُها؟".
نلتقي اليوم لتدشين هذا الصرح الحزبي الثقافي الاجتماعي الرياضي الفكري الذي بنته سواعد جبابرة بجهود جبارة حقاً من الرفقاء في عينطورة، مقيمين ومغتربين، وهذا التقدم الكبير في عملنا الحزبي والثقافي والاجتماعي مدين في الدرجة لمن أسس فرع الحزب السوري القومي الاجتماعي في هذه البلدة العتيدة للأمين الشهيد المرحوم نسيب عازار وثم لمن تابع البناء من الأمناء الجزيلي الاحترام والرفقاء المحترمين المجدين.
ولنا في بلدتنا عينطورة تاريخ بداياته تتصل بالخمسينيات من القرن الماضي إثر عودة الأمين نسيب من المغترب الذي خصص وقته وكل اهتمامه لتأسيس فرح لحزبنا في عينطورة ونما هذا الفرع بقوة كبيرة حتى غدا له شأن هام في حياة هذه البلدة وتطورها وتقدمها ونمو وعيها الاجتماعي والوطني والمدني. وعندما وقعت أحداث الخمسينيات في لبنان تعرضت البلدة لمجزرة دامية كان من ضحاياها الكثير من الرفقاء وعلى رأسهم الأمين الشهيد نسيب عازار، وكانت وقفة العز التي وقفها امام قاتليه المجرمين خلال توقيفه إلى جدار كنيسة السيدة في عينطورة وقبيل إطلاق الرصاص عليه، فصاح بهم وقد كشف عن صدره: خذوا هذا الجسد البالي فلا قيمة له، اما روحي فقد فرضت وجودها على هذا الكون وسأبقى أردد التحية الخالدة لبلادي: تحيا سورية. وانهمر الرصاص وارتفع شهيداً في السبعين من عمره الغني.
إن دماء الأمين نسيب عازار ورفقاءه الشهداء ستظل تهدي وتنير لخير هذه الأمة وهذه النهضة وهذه البلدة المناضلة، وما المركز الذي نفتتحه اليوم بهذا الحضور الكريم إلا حصيلة خير هذه الدماء  وهذه التضحيات الجليلة التي نعيد ذكراها في عينطورة كل سنة باحتفال وفاء مهيب  لهو خير دليل على التضحية والوفاء.
أردت في هذه الكلمة المعبرة الغوص إلى الجذور وإلى التضحيات التي رافقت فرع حزبنا في عينطورة لتكون هذه المديرية المثال الصالح والنموذج المحيي لجميع فروع الحزب في هذه المنطقة وفي الوطن وعبر الحدود، وتأكيد أننا حزب يعمل للحياة المجيدة الحرة ولن يتخلى عنها تحت اي ظرف او تهديد.
مبارك هذا الصرح بكفاحكم المتنوع فكراً وصناعة وغلالاً، ثقافة وتنمية اجتماعية، ورياضة تعاونية منمية للأرواح والأجساد، للعقول والأبدان والتواصل البناء فيلبي حاجات هذا الجيل وغيره من الأجيال الآتية بلا حدود وطموحاتها؛ وبهذا يتكامل البناء المادي الروحي للحياة الإنسانية لمجتمع ناهض ونام ومتقدم مؤهل للانتصار فتتحقق النهضة التي ننشد ويكون هدفها بناء الإنسان الجديد التي تعبر عن فلسفة المادة والروح فيكون نموذجاً للإنسانية جمعاء".
 
·  القيت هذه الكلمة في المناسبة افتتاح مركز مديرية عينطورة الجديد في الحزب السوري القومي الاجتماعي .
 

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net