Tahawolat
  
هي الوردة التي تجعل هذا العالم عطرا وهي الصليب نفسه الذي يعقلنا على مواجع الروح... وفي الحالين كائن جميل يغني الحياة.. لولاها لبقي العالم قفراً من قصيدة ومن يد تزرع وتبني وتكتب وترسم وتقاتل.. لأنها الحواء التي لا حياة إن لم تمسح نسمتها تراباً تنسج منه أجساداً بشرية ترتقي ذاتها كلما عرفتها أن الإنسان هو مجتمع وليس فرداً وقيمة الحق أن يتحقق فيه لينتصر.
قصدت "صدى النضال" رئيسة لجنة حقوق المرأة اللبنانية غانيا الموصلي دوغان للتعرف إلى اللجنة: تأسيسها، نشاطها، إنجازاتها، وخططها لتطوير واقع المرأة والإنسان في لبنان فكان حديث فيه وقائع يستكمل الاطلاع عليها ما فات القارئ من تاريخ نضال المرأة اللبنانية.
والسيدة الموصلي سورية من حمص ناشطة في الحقل العام لبنانيا منذ 4 عقود، دليل إضافي على أن ما بين سورية ولبنان واقع حياة واحدة تأبى ترسيم حدود تقطع شرايين التواصل بينها.
في هنا نص الحوار.
 
نتعرف إلى لجنة حقوق المرأة اللبنانية؟
هي منظمة نسائية ديمقراطية علمانية غير ربحية، تأسست فعلياً العام 1947، أما قانونياً فالعام 1970 والعمل فيها تطوعي وتنتشر فروعها في المحافظات اللبنانية كافة.
 
متى تأسست؟
تأسست  اللجنة من مجموعة المؤسسات صدر مرسوم التأسيس بأسمائهن وهنّ: ماري ابراهيم قاري، ثريا عبد القادر خطيب، ماري ملحم إده وجورجيت ابراهيم، اللواتي استطعنا إنجاز تأسيس رسمي للجمعية باسم لجنة حقوق المرأة اللبنانية في 5 آذار العام 1970 بعد نضال امتد عقوداً منذ العام 1947.
وهنا أنتهز الفرصة لتحية هؤلاء المناضلات بحزم وحكمة اللواتي صبرنا عقودا على تعسف المجتمع والسلطات الرسمية وظلم التقاليد والأعراف المتوارثة حتى تمكنّ من تأسيس نواة انطلاق واثقة بلجنة حقوق المرأة. وفي أدبيات تروى حادثة التياترو الكبير حيث دعت المؤسسات وناشطات نساء حينذاك لاعتصام دعم لحقوق المرأة فإذا بالسلطات حينذاك تمنع الاعتصام وتزج بصاحبات الدعوة في السجن فتداعت قوى المجتمع المدني والثقافي وبخاصة المحامين للتطوع دفاعا عنهن وخرجن ظافرات، فانقلب سحر التقييد والمنع على ساحر النظام الطائفي ما شكل زخما إضافيا لمسيرة انتزاع حقوق المرأة.
 
ما أبرز أهداف اللجنة؟
تعمل لجنة حقوق المرأة اللبنانية من أجل تحقيق أهداف تضمنها نظامها الأساسي وهي: تحقيق المواطنة الكاملة، صيانة استقلال لبنان وسيادته، تعزيز الديمقراطية والحريات العامة، السعي لإيجاد مجتمع علماني لا طائفي، استحداث قانون مدني إختياري للأحوال الشخصية، وصول المرأة الى مواقع القرار السياسي، تطوير موقع المرأة في عملية الإنتاج، المساواة الفعلية بين الرجل والمرأة، تنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ورفع التحفظات عنها، حركة نسائية موحدة وفاعلة، تفعيل دور الشباب والعمل على الحد من الهجرة في صفوفهم ووضع مواد الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل موضع التنفيذ والحفاظ على بيئة صحية وسليمة.
 
سجل إنجازات كبير
ماذا أنجز حتى الآن من هذه الأهداف الواسعة؟
استطاعت اللجنة إقامة سلسلة نشاطات سنوية منها: إحياء يوم الثامن من آذار، "يوم المرأة العالمي" منذ العام 1947، تنظيم احتفال لمناسبة ذكرى استقلال لبنان، وتأسيس اللجنة، تنظيم مسابقة سنوية في الثانويات الرسمية والخاصة منذ العام 1979، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي، إصدار مجلة "قضايا المرأة" وتحويل مؤتمرات اللجنة الى منابر حوار حول القضايا النسائية والوطنية العامة.
ومن أهم إنجازاتنا حتى الآن: إطلاق مشغل للحياكة على النول في محافظة البقاع، إنشاء مدرسة مهنية لتأهيل المرأة في بيروت بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للمرأة، إنشاء رياض أطفال ودور حضانة، إنشاء فرقة "الغدير" للدمى  المتحركة، مساعدة بعض الشابات على استكمال دراستهن الجامعية، إقامة دورات محو الأمية في مختلف المناطق اللبنانية، إطلاق ميثاق حقوق المرأة اللبنانية ووثيقة الحركة النسائية وإنشاء مركز حقوق المرأة للدراسات والأبحاث.
كذلك أقامت اللجنة مؤتمرات محلية عدة، وشاركت اللجنة في مؤتمرات عربية وعالمية منها المؤتمر الخامس عشر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي: خلاصات ونتائج، المؤتمر الخامس عشر، المؤتمر السادس عشر والمؤتمر السابع عشر.
وأصدرنا دراسات منها: إنجاز دراسة ميدانية حول الأم والطفل لمناسبة السنة العالمية للطفل (تمويل الأسكوا)، دراسة - مقارنة في ضوء "الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، المرأة اللبنانية العاملة والموظفة... الواقع والدور في القرار النقابي، حقوق الشباب: الزواج والمعوقات الإجتماعية و الإقتصادية. دراسة ميدانية وتعزيز تمثيل المرأة في المجالس المحلية واقتراح تطبيق "الكوتا" في لبنان. وكذلك نشرة إعلامية صدر منها حوالى 15 عدداً اسمها "قضايا المرأة" منذ 1977 حتى الـ 2009 لكنها صدرت بتقطع.
 
الإقرار بتحقيق الهدف إقرار بالانتهاء
كيف يمكن تحقيق المواطنة الكاملة التي قلت إن اللجنة تسعى لتحقيقها؟ وكيف نعزز الديمقراطية والحريات؟
الإقرار بتحقيق الهدف إقرار بالانتهاء. المسيرة مستمرة باستمرار التمييز. واجبنا نقوم به بأمانة وعبر قنوات متعددة أهمها: - تعزيز ثقافة حقوق المرأة بين النساء بواسطة النشر عبر وسائل الإعلام والتواصل وكذلك في المجتمع. ولقد خطونا خطوات نحو الهدف الكبير بالتعاون مع المؤمنين من هيئات وأفراد مستنيرين.
نتوقع الوصول إلى الغاء هذا التمييز مهما طال الوقت.
- وكذلك عبر القانون ويتم بتنزيه القوانين من نصوص الإجحاف بحق المرأة وحث الدولة على تعديل بعض القوانين واستحداث قوانين جديدة التزاماً وتنفيذاً للمواثيق الدولية وآخرها اتفاقية السيداو بإلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة.
والحقيقة في كل ما لا يمسّ الطائفية حققت اللجنة الكثير على صعيد مساواة المرأة بالرجل في تعاونية الموظفين، إلغاء ضريبة العازب عن المرأة في قانون العمل، إعادة في النظر في مفهوم "جريمة الشرف" بتعديل العذر المُحلّ بالقتل بسببها إلى عذر مخفف ونحاول إلغاء هذا العذر أيضاً...
 
"لأنهم اولادي جنسيتي حق لهم"
أين نحن من مجتمع علماني ديمقراطي تريده اللجنة؟
في برنامجنا 3 نقاط: - قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية حيث تحرم المرأة بموجب القانون الحالي من منح جنسيتها لأولادها. وانطلقنا بمشروع منذ سنوات "لأنهم اولادي جنسيتي حق لهم". هو جزء من حملة كبيرة. نحن اول من بدأها، وحمدلله كثرت حاليا الهيئات المهتمة والفاعلة معنا أيضا لتحقيق الهدف. ونحن نتعاون معها جميعها في استراتيجية واحدة لتفعيل حق المساواة الذي كفله الدستور "اللبنانيون متساوون أمام القانون". - وعملنا لإقرار قانون مدني اختياري في الأحوال الشخصية. – العمل على إقرار الكوتا النسائية.
نحن نرى أن المواطنة حق وتحقيقها واجب على الدولة. وهذا يتوفر بأن يحترم النظام السياسي الإنسان وحقوقه ويساوي بين مواطنيه، بغض النظر عن دينهم وطائفتهم وجنسهم، فحسب الدستور العلة في النظام القائم على المحاصصة والتواطؤ بين الزعماء الطوائفيين.
العمل يبدأ من هنا لتحقيق الهدف لتعرف الناس ما لها وما عليها للدولة بالمقابل تقدم الدولة ما لهم وتقوم بما عليها. بتحقيق هذه المعادلة البسيطة والعامة يعطى المواطن فرصته وحقوقه وهذا يكسبه الثقة والشعور بالانتماء والفخر به وتعزيزه في نسق آليات متناغمة في بنية المواطنية الحديثة.
 
ميداننا مساواة حقوقية
هل يمكن تحقيق المساواة الفعلية بين الرجل والمرأة بينما هما متمايزان؟
التمايز نعترف به،  لكنه ليس من موقع النوع الاجتماعي وظيفيا وفيزيولوجيا. لا دور لنا على هذا الصعيد بل في جانب التمايز في الحقوق والواجبات. حملتنا ليست موجهة ضد الرجال بل هي موجهة للمجتمع ككل من أجل كرامته فقوانينه هي التي تميز المرأة عن الرجل.  هكذا فإن إدراج التمايز هم حكم في ضد المساواة التي يكفلها الدستور لفظياً، لكنه لم يقر الإجراءات التنفيذية والرادعة لحمايتها فعلياً. ونحن طبعاً نريد المساواة الفعلية لأنها الأهم وتتجسد حقوقيا ووطنيا.
 
إقرار قانون انتخاب عادل.. بشرى
هل استطاعت اللجنة تحقيق هدفها بإلغاء التمييز؟
لا ديمقراطية في مجتمع طائفي، لذلك تحقيق مجتمع علماني مدني ديمقراطي يحتاج إلى كثير من النضال لأنه لا يمكن انصاف المرأة في ظله. نحن بعيدون عن طموحنا ولكننا نعمل لتحقيقه. الديمقراطية تتحقق بداية من قانون انتخاب عصري وفق النظام النسبي وخارج القيد الطائفي. وكذلك تندرج الديمقراطية تحت عناوين كثيرة في آليات ضبط المال الانتخابي والحق بالإطلالة الإعلامية... فإقرار قانون انتخابي يضمن التمثيل العادل يكون بارقة امل واعدة.
 
طريقنا ليست معبدة بالورود
ماذا حققت اللجنة على صعيد إيصال المرأة إلى مواقع القرار؟
لا نعتبر أننا حققنا كل ما نريد. لكن حاولنا تحقيق ما أمكن خلال أكثر من نصف قرن ولأجيال عدة تناوبت على قيادة هذه اللجنة بدءاً من المؤسسات: ماري ابراهيم قاري، ثريا عبد القادر خطيب، ماري ملحم إده وجورجيت ابراهيم، اللواتي استطعن إنجاز تأسيس رسمي للجمعية باسم لجنة حقوق المرأة اللبنانية في 5 آذار العام 1970 بعد نضال امتد منذ العام 1947، مرورا بأسماء أعلام كالسيدة ليندا مطر وإميلي فارس ابراهيم، حتى الهيئة الحالية التي أتولى رئاستها. كنا وحيدين ثم كثرنا حالياً في باقة من هيئات عدة فاعلة في الميدان النسائي.
 الحقيقة أننا لسنا متوهمين أن طريقنا قصيرة ومعبّدة بالرياحين والورود.
 
 
غانية ممدوح الموصلي
رئيسة لجنة حقوق المرأة اللبنانية من 29 ايار 2010، من حمص تولد 1/1/1949 بدأت نضالها الطالبي العام 1967 بعيد نكسة 5 حزيران. درست في جامعة دمشق كلية الآداب، متزوجة من الصحافي الراحل محمد أمين دوغان صاحب جريدة الشعب المتوقفة عن الصدور. بدأت نشاطها النسائي العام 1977 في لجنة تلأمهات في لبنان وبقيت أمانة سرها حتى العام 1986، ثم انتخبت أمينة شؤون المرأة في النجدة الشعبية اللبنانية.
انتسابها للجنة حقوق المرأة العام 1987 تدرجت في المشؤولية حتى تولت رئاستها، لها دراسات ومحاضرات وكتابات عدة عن المرأة والوطن والمقاومةوتشارك في تحرير مجلةى قضايا المرأة التي تصدر عن اللجنة، إضافة غلى مؤتمرات لبنانية وعربية وعالمية أهمها المؤتمر العالمي للمرأة في بيجين العام 1995.

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net