Tahawolat
تحت عنوان "نصرة الشعب الأحوازي" عقدت جهات اسلامية سلفية عديدة مؤتمرها في القاهرة في ظل غياب الاخوان المسلمين، وحضور مساعد رئيس الجمهورية عماد عبد الغفور، في توقيت مشبوه الاهداف والغايات. اذ يبدو ان ما شجع هذه الجهات على عقد المؤتمر في مصر بدلاً من اي بلد غربي يعادي الجمهورية الايرانية الاسلامية، هو الكلام الذي ورد على لسان الرئيس مرسي في قمة دول عدم الانحياز الأخيرة في ايران، حيث قال فيه: "ان مصر ستظل حامية للإسلام السني".
 
ثم جاءت كلمة مساعد الرئيس السيد عبد الغفور السلفي الاتجاه في المؤتمر الأحوازي  التي اعتبر فيها المؤتمر "نقطة البداية لنصرة قضية الشعب العربي الموجود في بقعة قريبة من كل عربي من ظلم الاحتلال الفارسي".
كلام ربما صفق له الحاضرون، ولكنه يستدعي النقاش، ليس لجهة حق شعبنا في الأحواز بالعودة الى سورية الطبيعية - الوطن الام، فهو حق نطالب به، من موقع الالتزام القومي وليس الطائفي او المذهبي، ولكن ما نود مناقشته، هو الرغبة المصرية الجامحة في العودة الى عصبية طائفية تعود الى العصر العباسي الثاني، عندما اختلف المسلمون حول طبيعة القرآن بين قائل بأنه قديم قدم الله، وقائل بأنه محدث مخلوق، ثم اعقبت ذلك الخلاف ما ورد في الوثيقة القادرية 1017م التي عدت كافراً كل من يقول ان القران مخلوق، حلال الدم، فشكلت بذلك اكبر عملية ارهاب فكري في العالم الاسلامي كان لها أثر كبير استمر حوالي الف عام من تعطيل للفكر في الدولة الاسلامية، تخللته انقسامات سياسية في العالم الاسلامي أضعفته الى الحضيض.
وجاءت مؤخراً وثيقة الازهر حول الحريات في مطلع العام المنصرم 8/1/2012، في محاولة لنسف مفاعيل الوثيقة القادرية، ولتؤكد مجدداً، الحق في حرية الاعتقاد، وحرية التعبير وحرية البحث العلمي، وحرية الإبداع الفني، هذا من جهة، ومن جهة اخرى تأتي بمحاولة لإنهاء الخلاف الشيعي - السني، لاسيما الخلاف حول العقل والحق بالتفكير بغير التصوف.
 
اذا الدعوة الى "نصرة العرب"، اذا كان المقصود منها في كلام ممثل الرئيس المصري فلن يصدقها احد، لأن الاولوية للنصرة هي فلسطين الملامسة حدودها حدود مصر، وليست الأحواز اليوم، البعيدة عنها مئات الكيلومترات، فالمؤسف مما يجري من تعاطي نظام مرسي مع الموضوع الفلسطيني يدل كأن الواقع السياسي في مصر لم يتبدل عن مصر مبارك ومصر بعد مبارك، المتسم بالهروب اما الى الامام او الى الوراء.
فأي حرص على العروبة تبديه مصر وهي ما تزال مكبلة باتفاقية كامب ديفيد!؟ وهل يستطيع المكبل باتفاقية مذلة ان يمنح الكرامة لأحد، وهو يفتقر اليها؟!
كل المشهد مما تقدمه مصر اليوم، من خلال المؤتمر، هو الانضمام الى معسكر أعداء ايران من دول الغرب الامبريالي، الذي استعمر العالم الاسلامي بأسره، باستثناء قلب الجزيرة العربية وتركيا، خلال القرنين الماضيين، وعمل فيه تفريقاً وتمزيقاً، بينما بالمقابل تستند الدولة الاسلامية الايرانية الى دعوة الامام الخميني، مفجّر الثورة الايرانية، الى الوحدة الاسلامية، واعتبار فلسطين قضية المسلمين الأساسية.
 
ان ما يجري في مصر اليوم يؤشر الى عمق التناقضات بين كلام مرسي "ان لا نهضة عربية واسلامية في ظل وجود اسرائيل" وكلام مساعده عن الظلم الفارسي، ما يؤكد ضبابية الخيارات الاستراتيجية الكبرى حيث تتخبّط السياسة المصرية بين حروب الحدود كما مع تركيا وإيران وحروب الوجود، كما مع الكيان الصهيوني.

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net