Tahawolat
من يراقب التطورات الحاصلة في شرقي البحر المتوسط من الشام الى العراق وصولاً إلى إيران ويدرس نتائجها على لبنان يتأكد لديه ان هناك مخططاً رهيباً ومخيفاً ينفذ في هذه المنطقة ذات التاريخ العميق في القيم والممتد آلاف السنين الغابرة والذي حمل الى العالم أهم المنجزات الحضارية التي مهدت لهذا العصر ما تمكّن تحقيقه من تقدم علمي واختراعات أوصلت الانسان الى الفضاء الرحب الماثل أمامنا كما مكّنته من تفتيت الذرّة وصولاً الى القنبلة النووية التي إذا انفجرت محت الحضارة التي صنعتها منذ بداية تطورها الى الآن؟؟
هل ندرك نحن في لبنان هذا الكيان الصغير في مساحته وعدد سكانه، ماذا تواجه الانسانية نتيجة هذا الصراع القائم اليوم بين قطبين العالم وهما روسيا والولايات الأميركية المتحدة؟ انهما معاً يضعان الكرة الارضية على حافة الانفجار، اذ يتصارعان على مواردها ويسخر كل منهما ما تمكن من اجل السيطرة الكاملة وغيرها ... العالم يشتعل حيث توجد هذه الموارد فأفريقيا الغربية والسودان بشقيه ونيجيريا وما تحتويه ارضها من بترول وغاز ومالي والصحراء التي يسكنها الطوارق، كلها اليوم هي الهدف المباشر لهذه الدول الجوارح ترسل جنودها وآلياتها تهدم وتخرب وما من رادع!!!
ان دول اوروبا: من فرنسا الى المانيا وايطاليا والمملكة البريطانية وغيرها أخذت خيارها مع الولايات المتحدة الاميركية ووضعت بتصرفها كل خبراتها الاستعمارية الممتدة الى مئات السنين لخدمة هذا المخطط الرهيب، انه المشهد الخطير الذي نواجهه فهل منطقتنا واهلها يدركون ما هو حاصل اليوم في هذه الكرة الارضية؟
أتشك بذلك؟ فسلوكهم وتصرفاتهم شعوباً وحكومات تدّل أنهم ما زالوا يعيشون في القرون الوسطى تتحكم في تصرفاتهم عقليات تعود الى عصور الجاهلية والغباء والتخلف...
بينما العالم يتطور نجد اننا في هذه المنطقة نعيش في الأحياء والزواريب الطائفية وتتحكم في سلوكنا وتصرفاتنا الغرائز والانفعالات والنزعة الفردية الفاشلة التي هي أخطر من الاحتلال الاجنبي. نحن في هذا الوطن نريد ان نخرج من العصور البائدة ومن مزارع يسمونها وزارات وادارات الى انصهار وطني حقيقي يقوم على مناقب وطنية عالية ...
ليس ما نقوله وعظاً ولا يندرج في سياق النصائح بقدر ما هو محاولة عامة قبل الدخول الى الخاصة والتي يتجلى الآن في التحضير الى المعركة الانتخابية المقبلة.
كيف يجري التحضير لهذه الانتخابات المقبلة؟
اننا نرى نزاعاً بين زعامات فارغة من كل مضمون ومن الأحزاب الطائفية المدمّرة حياة الوطن والمواطنين ومن رجال دين ليس لهم الحق أن يتدخلوا في شؤون المواطنين الدينية وفي خلاص النفوس، فالمواطنون أدرى بتدبير حياتهم ومعرفة مصالحهم وما يطلبه الجيل الجديد الطالع هو أن يكون حراً في توجيه حياته ومستقبله. اما الزواج المدني الذي يلعنونه أليس هو المخرج الحقيقي لإلغاء الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب وبناء مجتمع جديد يتمكن من مواكبة تطورات هذا العصر ويؤمن للأجيال الطالعة الانصهار الوطني الذي بدونه سنبقى طوائف وقبائل وزعامات فارغة تتقاسم جبنة الدولة.
لقد عهد البعض كلمات عدة، فصارت كلمة استثمارات الإيجابية ستارة لكلمة مساومات سلبية عاهرة، وكلمة تشكيل اللائحة لم تعد أكثر من ستارة لعملية الدفع والقبض وتبادل المنافع. فهل هذا السلوك من يعتبر الانتخابات استفتاء شعبياً من اجل غايات وطنية سامية، ام هو سلوك من يؤمن ان كل المحرمات تصبح مشروعة وجائزة من اجل الوصول؟ هل هذه هي المناقب المفترض ان تكون في سياسيين وقادة يملأون الجو زعيقاً، مدعّين كذباً وزوراً انهم ممثلون شعباً يريدون له النهوض.
هذه العقلية البهلوانية، وكأنها في سيرك ابتلونا بها في انتخابات سابقة عديدة. عقلية كالحرباء
تتلون وتتستر دوماً في كل مرحلة تحت اسماء مختلفة ووجوه متعددة. هذه العقلية هي المسؤولة اليوم عن حالة الانحطاط التي أوصلتنا اليها.
ولسنا نبحث في هذه الكلمات عن فضائح وهي أكثر من أن تعد وتحصى ومكشوفة لأعين الجميع، ولا عن عمليات المساومة والشروط والخدمات والوعود بالمناصب، وتقاسم الحصص
والأموال التي تدفع او عن بوس اللحى وحفر الخنادق ونصب الأفخاخ وتهيئة الخناجر للطعن في الظهر إن لاحت الفرصة واستدعت الأطماع ذلك، بل نبحث عن قواعد مشتركة يتوقف المواطن عندها لأنها تشكل الحاجز الأكبر في معركة الدفاع عن وطن نريده وطناً جديراً تحت الشمس وتريده مافيات السياسة مزرعة وأسلاباً تسوسها وتدبرها بعقلية الجاهلية الأولى.
من بين الذين قاربوا موضوع الزواج المدني سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الذي رفضه وأصدر فتوى واضحة وصريحة يحرم فيها الزواج المدني ويحذر من يقدم عليه بعظائم الأمور ويُحرم كل مرتكب لهذا الفعل من حقوقه بالصلاة والدفن في مقابر الطائفة؟
كما أن الأب يوسف مونس في عدد الديار الصادر الأربعاء بتاريخ 30/1/2013 اذ يقول:
بين تغريدات سليمان وميقاتي ورفض رجال الدين المسلمين قانون الزواج المدني، هذا الموضوع أبعد من الطائفية السياسية فهو حرية الشخص بالمطلق، ولا إكراه في الدين، فمن لا يريد ممارسة معتقداته الدينية فلا يجوز قمعه ثم يقول حفاظاً على الالتزام الديني علينا أن ننشئ الزواج المدني لمن يريد مسلماً كان أم مسيحياً.
امام هذه المواقف المتناقضة هل يجوز حرمان الناس من ممارسة قناعاتهم؟ وهل الزواج المدني الذي تمارسه كل اوروبا والولايات المتحدة الاميركية وباقي العالم هو خروج عن الدين؟ علينا في لبنان ان ندرك اننا (كلنا مسلمون لرب العالمين، منّا من أسلم لله بالانجيل ومنّا من أسلم لله بالقرآن ومنّا من أسلم لله بالحكمة)... وإنها حكمة يجب أن نمارسها في حياتنا لنصبح مجتمعاً حراً ومرافقاً لتطورات العصر.
 

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net