Tahawolat

لم يعد الكلام على حركة عدم الإنحياز ، اليوم هو نفسه الذي كان يتداول في خلال الأحقاب التي تلت تأسيسها في العام 1955. فلقد تغيّرت البيئة التاريخية، التي منحت الحركة مبرر حضورها في ميزان العلاقات الدولية . وهو الأمر الذي حدا بكثيرين إلى الإفتراض بأن  تغييراً موازياً في البيئة المعرفية لفلسفة عدم الإنحياز،  ينبغي أن يحصل كمقدمة لإعادة إنتاجها على نصاب جديد...
ولا ريب في أن فرضية التغيير التي يستلزمها إحياء كتلة عدم الإنحياز ، هي فرضية متأتّية من الحاجة الى ملء الفراغ الذي نشأ في خريطة العلاقات الدولية جرّاء فشل الأحادية الأميركية التي بلغت ذروتها في عهد المحافظين الجدد.
ولئن كانت ظروف التطور العالمي اللامتكافئ ، تملي على حكومات دول عدم الإنحياز ، وضع إستراتيجية عليا تمكّنها من استعادة دورها من خلال التموضع في الخارطة المفترضة للنظام العالمي الجديد ، فإن الظروف نفسها تنطوي على تعقيدات تجعل مثل هذا التموضع أمراً شاقاً، إن لم يكن مستحيلاً . ولعل القول بهذا عائد الى سببين رئيسيين :
  الأول : إستمرار الطبيعة المتناقضة وغير المستقرة ، لحقبة ما بعد الحرب الباردة،بما تخللها من معادلات وموازين ومنظومات أمنية وسياسية كبرى ملأت العالم على مدى اثنين وعشرين عاماً.
  الثاني : حصول تغيّرات جذرية في المفاهيم التي تحكم العلاقات الدولية ، و كذلك في القواعد التي كانت ترسم الخطوط الجيو-ستراتيجية للدول المنضوية في حركة عدم الإنحياز ، حيث بدا بوضوح حجم التناقض و التباعد بين كثير من الدول الأعضاء، ولا سيما بين عضوين مركزيين  في الكتلة هما مصر وإيران.
وإذا كانت  الحقائق التي تصنع ضمن جغرافيات الشرق الأوسط هي معيار نجاح أو فشل ، أي تكتل سياسي – دولي بفعل مركزيتها الحاسمة في منظومة الصراع و التحالفات ، فالذي يبدو ضرورياً هنا هو الوقوف على  إستراتيجية كل من الدولتين المذكورتين في إطار كتلة عدم الإنحياز، و كذلك في معرفة موقعيتهما كقطبين مؤثّرين في المدى الجيو-ستراتيجي الآفرو-آسيوي.
لو عاينا السنوات الثلاث المنقضية التي شهدت رئاسة مصر لكتلة عدم الإنحياز على سبيل المثال، لوجدنا إنزياحاً بيّناً عن خط الإلتزام العملي بروحية  «مبادئ باندونغ العشرة» ، والتي صارت تعرف بما سمي «جوهر الحركة» في توجهاتها وسياساتها العملية والنظرية على الصعيد الدولي .
مثل هذا الانزياح يعود الى جملة عوامل. أبرزها ، تموضع النظام في مصر منذ توقيع بروتوكولات كامب ديفيد، ضمن فضاء التحالفات التي تقودها الولايات المتحدة في مجالي الحرب و السلم. و لقد دلّت الوقائع على أن نظام حسني مبارك وخلال فترة تولّيه رئاسة كتلة عدم الإنحياز (2009-2012) ، قد حوّل الكتلة الى رديف يضاف الى سلسلة الكتل و المنظمات  التي لا فعالية  لها في سياق محاكاته وتماهيه مع الاستحواذ الأميركي على المنطقة و العالم . فقد  ترتب على هذه المسلكية  طائفة من الإلتزامات الأمنية و السياسية و الجيو-ستراتيجية ،أفضت إلى تشكيل حزام أمن مصري ، عربي وإقليمي حول إسرائيل من خلال الوفاء الصارم لنص وروح كامب ديفيد.
غير أن التحولات التي عصفت بمصر وأسقطت نظام حسني مبارك سوف تضع «مصر ما بعد الثورة» مجدداً أمام إحتمالات و خيارات من الصعب الجزم بمآلها الختامي .
و السبب في هذا يعود إلى أن وصول حركة الأخوان المسلمين الى الحكم ، جاء وسط مناخ شديد التعقيد في المجالين الداخلي و الجيو- ستراتيجي . ما جعل الصيغة الجديدة للسلطة محكومة بمناخ التعقيد نفسه ، خصوصاً لجهة موقعية مصر ما بعد الثورة في الصراع حول قضية فلسطين ومدى الإلتزام الأمني و السياسي بمعاهدات كامب ديفيد .
لكن السؤال الذي يبدو ملحاً عشيّة إنعقاد قمة «الدول غير المنحازة» في إيران ،يتركز بصورة أساسية حول درجة التفاعل بين طهران والقاهرة ، من أجل أن يُعاد الإعتبار للقيم التي تأسست عليها فلسفة عدم الإنحياز.
لقد شكلت الحركة منذ نشأتها أكبر تجمع دولي (خارج إطار منظمة الأمم المتحدة). وتزايد عدد الدول الأعضاء مع تزايد عدد الدول المستقلة . فبعد أن كانت تضم 25 دولة في مؤتمر بلغراد التأسيسي عام 1961 ، وصل هذا العدد الى 75 دولة في مؤتمر الجزائر عام 1975. وفي مؤتمر هافانا كان العدد 95 دولة (1979) ، وفي منتصف عام 1999 أصبح العدد 114 دولة. لكنه سيصل عام 2011 إلى 118 دولة ،وفريق رقابة مكوّن من 18 دولة ، وعشر منظّمات غير حكومية.
و تُعدّ سياسة عدم الإنحياز أهم تطوّر طرأ على سياسة دول العالم الثالث من أجل التحرر من الإستعمار ورفض سياسة الكتل والإلتزام بالعمل في إقامة علاقات دولية سليمة . هذه حقيقة كان اختصرها رئيس جمهورية غانا كوامي نيكروما عشية المؤتمر الثاني الذي عُقد في القاهرة  1964 بالقول :»نحن ولدنا من الإحتجاج و التمرّد على الظروف السائدة في مجال العلاقات الدولية، و الناجمة عن انقسام العالم الى كتلتين متخاصمتين» . وتعريف هذه السياسة يستند الى تطورها من حركة تؤكد على مبادئ السلم والأمن الدولي الى قوة سياسية  تعمل على إصلاح النظام السياسي و الإجتماعي والإقتصادي الدولي. وهو ما يتبيّن لنا من المعايير التي وضعت في المؤتمر التحضيري الذي عقد في القاهرة سنة 1961 تتمّة لمحادثات الزعماء التاريخيّين الثلاثة : نهرو و عبد الناصر وتيتو ، وقد نصّت على ما يلي :
يجب أن تكون الدولة المنتسبة الى الكتلة قد انتهجت سياسة مستقلة قائمة على تعايش الدول ذات النظم الإجتماعية و السياسية المختلفة ، وعلى عدم الإنحياز ، أو هي أظهرت اتّجاهاً يعبر عن هذه السياسة ويؤيدها.
أن تؤيد الدول المعنية دائماً حركات التحرير الوطنية.
ألاً تكون الدولة عضواً في حلف عسكري متعدد الأطراف أو عاملة ضمن تسابق الكتلتين المتصارعتين.
إذا كانت الدولة عضواً في اتّفاقية عسكرية ثنائية مع إحدى  الدول الكبرى ، و عضواً في حلف دفاعي إقليمي ، وَجَبَ ألاّ تكون هذه الإتفاقية أو الحلف قد أبرم  عن عمد في نطاق الصراع بين الدول الكبرى.
تشير هذه المعايير الى أن سياسة عدم الإنحياز ، ليست سياسة إنعزال أو سياسة حياد قانوني ، بل هي حياد إيجابي وسلمي ولد مع حركات التحرر العديدة ، ومع ظهور العدد الكبير من الدول المستقلة ، وأصبحت هذه السياسة أداة من أجل تأكيد التحرر و المحافظة على الإستقلال .
لا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى أنه بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي واجهت حركة عدم الإنحياز ، تحديات جديدة ارتبطت ليس فقط بنهاية الصراع شرق/غرب، بل وبخلاصة التحولات الإقتصادية التي عرفها العالم مع ظهور «النيوليبرالية»، وانفتاح الأسواق، وبروز ظاهرة العولمة كعامل أساسي وحاسم في تعيين المعالم الأساسية للمشهد العالمي.
وعلى هذا النحو رأينا كيف ركّزت المؤتمرات الثلاثة : جاكرتا (1992) وقرطاجنة  (1995) ونيودلهي (1998) ، على تجاوز أزمة الهوية التي طرحت في بداية التسعينيات ، والتركيز على الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى إحلال «نظام دولي جديد ومنصف» ، وهو ما لا يمكن له أن يتحقق إلا من خلال إصلاح منظمة الأمم المتحدة وتنظيم آليات المبادلات، وحركة الإستثمارات الدولية،بشكل يتفق مع تحقيق «حق التنمية» وتجاوز الفروقات التي استمرت في الإتّساع بين الأغنياء و الفقراء.
«دمقرطة»التواصل الدولي
إنطلاقاً من التشديد على احترام مبدأ المساواة بين الدول بدت حركة عدم الإنحياز كما لو كانت الوسيلة الفضلى لتحديد دور الدول الكبرى وهيمنتها على اتخاذ القرارات السياسية الحاسمة . وهذا ما أدى إلى العمل من أجل تقوية منظمة الأمم المتحدة، وإدانة مبدأ استعمال حق الإعتراض (الفيتو). وقد أشار  مؤتمر الجزائر في قراراته الى ضرورة دعم الأمم المتحدة وضمان فاعليتها ، و إلى أن مجلس الأمن لا يجب أن تواجهه العقبات التي تمنعه من القيام بأداء واجباته كما نصّت عليه شرعة الأمم المتحدة . وإلى ضرورة تعديل ميثاق الأمم المتحدة من أجل إدخال القدر الأكبر من الديمقراطية (أي إحترام وتنفيذ قرارات الأكثرية).
كان الأساس في تطور حركة عدم الإنحياز ، بقاء الصراع المستمر من أجل السلم والمساواة في العلاقات الدولية ، ومن أجل مناهضة محاولات الهيمنة في فرض أنظمة سياسية أو ايديولوجيات معينة على الدول الاخرى ، وهي طريق تضامن واقعية بين الدول التي تبغي المحافظة على بقائها و التعبير عن هويتها من خلال التطلع الى نظام دولي جديد مناهض لكل اشكال الإمبريالية والإستعمار و الاستعمار الجديد والتمييز العنصري ، ونقض الهيمنة ورفض مناطق النفوذ ، وعدم القبول بالإحتلال و التدخل الأجنبي.
غير أن التحولات الهائلة التي أنتجتها عولمة المجتمع الدولي في ميدان السياسة والأمن و الإقتصاد ، جعل الكثير من المفاهيم الكلاسيكية التي تنظم العلاقات بين الدول عرضة للتبدل و المراجعة . فإذا كان مبدأ حق النقض «الفيتو» مبدأ مذموماً في فلسفة عدم الانحياز ، فإنّ تطورات الوضع العربي الأخير، جاءت لتمنحه حقّانية الإستخدام بوصفه إجراءً إستراتيجياً ، يمنع الخلل الحاصل في التوازنات الدولية ويحول دون نشوب حروب إحتلال كما حصل في العراق وليبيا .
في المجال عينه ، ربما كان من أبرز العلامات الفارقة التي تدفع اليوم  نحو بلورة منظومة توازن استراتيجي في العلاقات الدولية ، ما يمكن إجماله على النحو الآتي :
  أولاً : حدوث تحوّل في الصورة الأميركية حيال العالم ، تمثّل في انتقال الولايات المتحدة من طور التحكّم في تشكيل نظام الأمن الدولي الى طور آخر ، بدت معه الشراكة وتعددية النظراء من أبرز خصائصه وسماته.
  ثانياً : مغادرة كل من روسيا و الصين ، كدولتين عظميين ،كهف الصمت ، ودخولهما معاً فضاء الإحتدام مع المحور الأميركي الغربي . ولقد شكّلت إجراءات حق النقض (الفيتو) حيال الأزمة  السورية تطوراً ينطوي على دلالة جوهرية لجهة تعطيل قرار الحرب كمكوّن أساسي من مكوّنات الانفراد الأميركي بالقرار العالمي.
  ثالثاً :  تبدّل جوهري في البيئة السياسية العربية ، ظهرت معالمها في مستهل العام 2011 من خلال تحولاّت مدوّية عصفت بالشارع العربي وأسقطت أنظمة إستبدادية في مصر وتونس وليبيا و اليمن. وعلى الرغم من المشهد الرمادي الذي أسفرت عنه التحولات المشار إليها ، فقد انفتح العالم العربي وانطلاقاً من مصر بخاصة، على زمن تاريخي جديد . إنه الزمن الذي يسمح لقوى التحرر الوطني دولاً وأحزاباً وتيارات، من وضع إستراتيجيات عملية ترفد حركة عدم الإنحياز بقدرات إضافية تتيح لها المشاركة في صناعة النظام العالمي المتكافئ.
  رابعاً : شكلت التطورات التي مرّ ذكرها ، دفعاً لمحور المقاومة و الممانعة  في شبه القارة الشرق أوسطية.. حيث تتبوأ الجمهورية الإسلامية الإيرانية مقاماً طليعياً فيه. الأمر الذي يفضي بالمحور المذكور الى أخذ مساحة وازنة من القدرة تعينُه على تصويب المسار التاريخي لدول عدم الإنحياز ، كما يُمهّد لإيران السبيل لتكون شريكاً فعلياً في صياغة التوازن الإستراتيجي على مستوى الاقليم، بما لذلك التشارك من  فعلية تداعيات على الصعيد العالمي.
الإستراتيجية الإيرانية : إستئناف جوهر الحركة :
قد يكون الخطاب الإيراني ، هو الأكثر انسجاماً وتجانساً مع ما يسمّى «جوهر الحركة» . ومردّ ذلك  الى الوضعية الإستثنائية التي تحتلها الجمهورية الإسلامية  في نظام التوازنات الإقليمية و الدولية . وهو ما ينعكس بوضوح في تأكيد قيادتها  العليا على ضرورة إعادة تشكيل نظام الحركة وفقاً للمبادئ الأصلية التي ولد منها.
فلقد بات معروفاً أن حركة عدم الإنحياز تأسست إبّان إنهيار النظام الإستعماري ،وكانت جهود الحركة، منذالأيام الأولى لقيامها ،عاملاً أساسياً فيتصفية الاستعمار،حيث أدت لاحقًا إلى نجاح كثير من الدول والشعوب في الحصول على حريتها وتحقيق إستقلالها،وتأسيس دول جديدة ذات سيادة. وهكذا فعلى مدار تاريخها ،لعبت حركة دول عدما لانحياز دوراً أساسياً في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. وعلى هذا،فقد تركزت الأهداف الأساسية لدول حركة عدم الانحياز،على تأييد حق تقرير المصير،والاستقلال الوطني،والسيادة،والسلامة الإقليمية للدول؛ ومعارضة الفصل العنصري، وعدما لانتماء للأحلاف العسكرية المتعددة الأطراف، وابتعادد ولحركة عدم الإنحيازعن التكتلات والصراعات بين الدول الكبرى،والكفاح ضد لاستعمار بكافة أشكاله وصوره، والكفاح ضدالإحتلال، والإستعمارالجديد، والعنصرية، والاحتلال والسيطرة الأجنبية، ونزع السلاح،وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول،والتعايش بين جميع الدول،ورفض استخدام القوة أوالتهديد باستخدامها في العلاقات الدولية، وتدعيما لأمم المتحدة، وإضفاء الطابع الديمقراطي علىالعلاقات الدولية،والتنمية الإقتصاديةوالإجتماعية، وإعادةهيكلة النظاما لإقتصادي العالمي، فضلاًعن التعاون الدولي على قدم المساواة.
ما المتوقع من قمة طهران ، وإلى أي مدى تستطيع القيادة الإيرانية تحويل الوهن الذي يثقل كاهل الدول المجموعة  الى عنصر قوة في مواجهة المحور الأميركي – الغربي؟
قبل أسابيع ، جرى تنظيم إجتماع تحضيري للقمة . أهمية هذا الإجتماع الذي دام ليومين متتاليين هو توقيته. فقد تزامن مع  ما اتفق على تسميته بــ»الربيع العربي» وبروز التحالف الروسي-الصيني كمحورٍ يسعى إلى كسر الأحادية القطبية إثر إنسحاب الولايات المتحدة عسكرياً من العراق،وحلول نظرية الحروب الليِّنة مكان ديبلوماسية القوة و الحروب الإستباقية.
في إجتماع طهران كان هناك إهتمام بارز للقيادة  الإيرانية على المستويين الديني و السياسي . فدول عدم الإنحياز تحتاج الى تحديث مشروعها وملاءمته مع المتغيرات، كما تحتاج إلى إعادة تنظيم وتحديداً على مستوى إيجاد «أمانة عامة دائمة».
اللافت أنّ ثمة صحوة لدى جمعٍ كبير من قادة دول عدم الإنحياز ناجمة عن شعورهم بضرورة استعادة كتلتهم التاريخية ، ليكون لها دور فاعل في ترتيبات الأمن الدولي. وهكذا تعرض المؤتمر التحضيري في طهران– حسب تقارير المشاركين-  الى مجالات متعدّدة  منها الإقتصاد، و الإعلام، والأحادية القطبية الأميركية، و التعددية القطبية و الهيمنة على ثروات العالم، وإحتكار المعلومات من جانب الشركات الكبرى، حيث أن هناك 500 شركة إعلامية ليس فيها أي شركة إعلامية من دول العالم الثالث . وفي هذا السياق كان ثمّة توجه لإنشاء مؤسسات إعلامية مشتركة من نوع وكالة إخبارية مشتركة ، ومؤسسات تلفزيونية ناطقة بالإنجليزية، ومواقع إلكترونية تابعة لمنظمة دول عدم الإنحياز.
وعلى ما يبيّن الخبراء ، فإن ثمة مجموعة من القضايا ستكون مدار إهتمام القمّة :
أولاً : إهتمام بتعريف السياسات المشتركة وبناء موقف واحد من المحاور الدولية والسياسات الإستعمارية .
ثانياً: وجوب أخذ إيجابيات العولمة ورفض سلبياتها الكامنة في محاولة أمركة العالم .
ثالثاً : تصويب مسارات «الصحوة الإسلامية» بحيث لا تكون مدخلاً إلى صراعات طائفية ومذهبية كما تريد السياسات الغربية عبر تشويه فكرة الحريات الإعلامة وتفسير «حقوق الإنسان» بما يخدم تفكيك مجتمعات المنطقة.
 رابعا ً : التأكيد على فكرة المواطنة ذلك أن السياسات التي اعتمدها «المحافظون الجدد» خلال غزو العراق كانت تنطلق من فرضية إعادة تركيب دول الهلال الخصيب على أساس المكونات البدائية و القبلية، وإثارة الخلافات بين ما هو أكثرية وأقلية. وهذا ما كان سبق أن  عبّر عنه ريتشارد بيرل– أحد أبرز منظّري المحافظين الجدد في عهد الرئيس جورج دبليو بوش - عندما دعا الى تقسيم  سوريا ولبنان و العراق .
خامساً : حرص المؤتمر على ضرورة تعزيز العلاقات بين المسلمين و المسيحيين على قاعدة أن الأديان تتلاقى في محراب الله الواحد الأحد.
سادساً : إعطاء مضمون جديدة لفكرة عدم الإنحياز بحيث لم يعد هناك معسكران رأسمالي وشيوعي،  و بالتالي ثمة حاجة متبادلة بين روسيا و الصين من جهة ،و دول العالم الثالث من جهة ثانية لقيام تعاون يؤدي الى تعددية قطبية ، والى تطوير المؤسسات الدولية وأدوارها وتحديداً الأمم المتحدة ومجلس الأمن و البنك الدولي ، وصندوق النقد الدولي بحيث لا تعود هذه المؤسسات تحت وطأة الهيمنة الغربية .
سابعاً : تربط السياسات الإنمائية بالعدالة وحسن توزيع الثروة وإعطاء المكان المناسب للشباب والمرأة في صنع القرار وذلك للحؤول دون اختراق السياسات الغربية لمجتمعاتنا تحت عناوين مختلفة.
في الحسابات الإيرانية ، ومن خلال الأبحاث التي تقدّم بها كثيرون -ايرانيون وغير ايرانيين-كان ثمة رهان على إرادة الجمع والتلاقي في زمن يبدو فيه العالم سائراً نحو التحرّر من توتاليتارية ما بعد الحرب الباردة . سوى أن ما يضاعف من الابعاد النهضوية و التاريخية للرهان الإيراني على جدوى القمّة ، ان «الجمهورية المضيفة»  أفلحت في تقديم نموذج إستقلالي على المستوى السياسي و العسكري و الإقتصادي تحديثي على مستوى التصنيع والطاقة النووية و هو ما كانت الدول الكبرى تعتبره حكراً عليها.
في مناخ القمة المرتقبة تعود أسئلة الشك لتلقي بظلالها على أصل الأطروحة التي قامت عليها كتلة عدم الإنحياز . ثمة من يذهب الى القول بعدم جدوى الإستمرار بالصيغة التقليدية للكتلة بعد انتفاء المبرر التاريخي لنشوئها وولادتها. آخرون وجدوا ضرورة الحفاظ على الكتلة كتجمع دولي ، و بالتالي ضروة وضع مفاهيم وقواعد  عمل جديدة تتلاءم وحركة الاستقطاب الذي راحت تظهر علائمها بالتوازي مع التجمعات والاتجاهات الدولية الناشئة و المناوئة للأحادية الأميركية . ولعل تجمعات مثل رابطة دول البريكس، ومنظمة شانغهاي،  و التنسيق الجيو-ستراتيجي بين روسيا و الصين وإيران حول قضايا حيوية كقضية  الأزمة في سوريا ، إنما تشكل عاملاً مشجعاً لبث حيوية  التجديد والإلتقاء بين دول عدم الإنحياز.
أما إيران التي تترأس الدورة الحالية وتستضيف القمة المنتظرة ، فهي تدرك بعمق مسار التحولات في النظام الدولي . وهو الأمر الذي يجعل من القمّة فرصة تاريخية لترسيخ التعددية القطبية سعياً الى نظام عالمي متحرّر و متوازن.
رئيس مركز دلتا للأبحاث المعمقة-بيروت

تُعدّ سياسة عدم الإنحياز أهم
تطوّر طرأ على سياسة دول العالم الثالث من أجل التحرر من الإستعمار ورفض سياسة الكتل والإلتزام بالعمل في إقامة علاقات دولية سليمة

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net