Tahawolat
 
لم يكن مستغربا أن تحصل بدرية البشر على جائزة الصحافة العربية في فن العامود الصحفي ضمن فعاليات منتدى دبي للصحافة العربية، والتي تأتي ضمن سياق اعتراف موثق بأن المرأة قادرة على كسر احتكار الرجال للرأي الصحفي، وبأنها تمتلك أدوات إقناع الرأي العام بأفكارها. وهذا ما تعبر عنه بدرية قائلة: «نوع من فروسية المرأة الجديدة التي تخطت الحواجز في حقل السبق الصحافي مثلما تخطته في الإبداع الإنساني».
حصلت بدرية على ماجسيتير في الآداب - قسم علم الإجتماع من جامعة الملك سعود، ثم شهادة الدكتوراة من الجامعة الأميركية في بيروت. اختبرت الكتابة الأدبية حتى تمرست فيها بين القصة القصيرة والرواية. إلا أن أهم أعمالها على الإطلاق كانت رواية «هند والعسكر» الصادرة عن دار الساقي عام 2006 ، التي اختصرت فيها واقع المرأة السعودية التي ترى نفسها في مرآة الآخر، الذي يرسم طريق حياتها دون أن تمتلك القدرة على الرفض أو الإنتفاض على هذا الواقع. بمعنى آخر رسمت بدرية بعناية ال «عسكرة» الذكورية على إنسانية المرأة التي صادرت خياراتها الحياتية باسم الدين والعادات والتقاليد، حتى أتت اللحظة التي قررت فيها «هند» – بطلة الرواية - قلب المشهد، مرتدية ثوب الحرية.
إسقاط أدبي على واقع «أنثوي» يسعى للتغيير وتفعيل دوره داخل المجتمع ككائن يمارس الفعل والقول الإنساني. ومن هنا جعلت بدرية من عامودها الصحفي في جريدة «الحياة» الذي يحمل عنوان «ربما»، منبرا نسائيا بإمتياز، حيث ترسم بقلمها قصصاً نسوية واقعية تعاني الضعف أو القهر أو الظلم، واضعة الأًصبع على الجرح في بضع جمل مختصرة، تحمل مفعول الصدمة، دون أن تبتعد عن رصد الواقع الخدمي في المملكة أو التغييرات العربية أو القضايا الدولية. لذلك وصفها البعض ب «الليبرالية»، بسبب إيمانها بأن «سقف التعبير قد ارتفع في الفضاء العام وتمددت معه مساحة التعبير»، على قاعدة أن دور المثقف هو «نقد الخطاب السائد وعدم أخذ القضايا على علاتها كمسلمات».
بدرية مثقفة سعودية تحمل استثنائية فكرية من الطراز الأول، لأن ذكاءها كفل لها الموائمة بين الخوف من كل جديد والحث على التغيير. وهذا الخلط في مقالاتها جعلها ساعية إلى تغيير طريقة التفكير الإجتماعية حيال المرأة التي تعاني التأطير والتحديد على الرغم من القفزات الكبيرة التي حققتها.
وبعد حصولها على الجائزة ستصدر بدرية قريبا روايتها الجديدة، كما تحضر كتاب بحثي قصير في شؤون النساء، مع متابعتها لإلقاء بعض المحاضرات في جامعة قطر.
بدرية البشر، لم تنس يوما أنها امرأة، لذلك كانت هموم النساء حاضرة في كتابتها بعيدا عن الإنحياز المطلق لبني جنسها. نقلت السرد الأدبي إلى عالم الكتابة الصحفية، فيجد القارىء نفسه أمام قصة شديدة الإختصار ولكن في صحيفة. وبالتالي لم يكن غريبا أن يحتفي الجميع بالتكريم الذي حصلت عليه دون أن تكون الجائزة هي الحدث بل بدرية البشر: الإنسانة والمرأة والمثقفة.

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net