Tahawolat

كامل جسمكِ داخل الأنقاض

والذي يظهر منكِ (يد) صغيرة فقط

كانت مثل علامة التعجب في نهاية صخرتين كونكريتين

هكذا شاهدناكِ في حلقة على قناة العربية

بعنوان (الثورة السورية.. حلب)!!

..

يبدو من خلال الزراق الذي يلف يدكِ بأنكِ مخنوقة من الداخل!

ويتراوح عمركِ بين 5 إلى 6 سنوات

..

أحد شهود العيان قال إنه لا يعرف إلى أي طفل تعود هذه اليد

فجميع الأطفال الذين كانوا يلعبون،

هم معك في الداخل

..

في البداية لم نبكِ عليك أنا وزوجتي العاقر

فلا نعرف شيئاً عن الأطفال

ولا عن علاقتهم بالصخور الكونكريتية!..

لكننا سوف لن نسمح لابن جارنا باللعب قرب بيتنا بعد الآن

أو قرب أي شيء يحتوي على إسمنت وحديد..

..

من العراق نشاهدك بقلوب كاملة الدمع..

..

نعرف بأنكِ لا تستطيعين بيدك هذه أن تمسحي الغبار

ليرى العالم دموع الله على أصابعكِ..

كما أنك لا تنوين مدّ يدك للدعاء

فللآن ممدودة الأطفال كالأدعية الصغيرة على جانبي

(سيطرة الآثار) ولم يحن صعودها..

..

أطفأتُ التلفاز

وقلت لزوجتي: انظري للألم الذي يسببه الأطفال

لكنها لم تجب

بعد قليل سمعتُ البكاء يخرج من بطنها.


.....


ذاك اليوم

كان الابن مستعجلاً،

فلم تستطع أمه رشّ الماء خلفه

هذا اليوم

رغم استعجال الابن،

تمكنت الأم من رش دموعها خلف تابوته..

.....

عكس ما كنت تعتقد........

بشرتك تآلفت مع الخشب، حتّى إنّ بعضنا لم يميّزك جيّداً داخل التّابوت،

لكنّنا جميعاً شعرنا بثقل دموعك على أكتافنا

..

كان جسدك ثقيلاً كفراغ في جملة بعيدة.

فراغ وددنا ملأه، لكنّ أيدينا الّتي حملتك،

كلمات خاطئة

وبعض نزيف عابر وما إلى ذلك

..

من سنين وأمّك تجلس باتّجاه صورتك المعلّقة على الحائط

تجلس بخرس وتموت بطلاقة

..

يقول أخوك مشيراً إلى صورتك المعلّقة!

إنّ من عادة الموتى الّذين في الصّور، ينظرون لنا طويلاً،

في النّهاية يرفضوننا بشدّة....

فلماذا لم ترفض أمّك كلّ تلك السّنين؟

..

يقول أخوك أيضاً

عندما اتّصلوا ليخبرونا بأنّهم الآن سيطلقون النّار على جسد أخينا.

كذّبناهم بصدق... لأنّ هذا ما نفعله أمام الأمّ

حتّى إنّنا مسحنا الدّم الّذي صار يخرج من الصّورة بوداعة..

..

وحدك تعلم أنّ العطش هو طعم الماء،

سيظلّ دمك ينقّ بقرب جسدك مثل ضفدع

الملفتُ أن الدفّان لم يسأل عن رغبتك بالدّفن

ولم تسكت أمّك عن الخرس، أنا الوحيد الّذي يسألك الآن.

لماذا أنت ميّت؟

..

حتّى الشّيخ الملقّن لم ينصفك، فقد ذكر بأنّك فارقتنا دون وداع

رغم أنّك على عمق مترين داخل الأرض لا غير

فهل أنّ الـ(مترين) بحاجة لتوديع؟

..

بعد دفنك استلمنا وصلاً من المقبرة، فيه ثلاثةُ حقول

1... أجرة الدّفن وأمامها مبلغٌ

2... أجرة لكميّة من التّراب وأمامها مبلغ

ولا أجرة أمام جسدك!

كان الحقل الثّالث خالياً تماماً!.


....


كان معلمنا الجديد الذي أنهى شرحه عن فوائد القدم

أعاد الموضوع بطلب منك

ولما سألك عن السبب

تكسر وجهك أمامه مثل زجاج أزرق

كُنا نعرف السبب وبقينا صامتين

****

ولا مرة مشيت معنا

كنت دائماً تقول (إني مصاب بشلل الأطفال)

متى تفهم بأنك في 27 من عمرك

وأنك لم تعد طفلاً!.








آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net