Tahawolat

هو من القلائل الذين تمكنوا من صياغة خصوصية نادرة في اللوحة والتجربة الفنية ككل، تلك الخصوصية التي يمكن تسميتها بالفرادة، ربما لا تعود فقط إلى الرؤى الإبداعية وكيفية خلقه للعالم الموازي، بل أيضاً إلى الأفكار الفلسفية التي يكاد السمّان يلوّنها كلما رسم الحلم السوري بأساطيره ومقارباته الذهنية الأولى تاريخياً للفن والحياة والكون، أسلوبية اختصّ بها الفنان عندما عاد ليكتشف تلك الجبلّة المعجونة منذ أن رسم إنسان هذه الأرض الأول على جدران الكهوف إلى اللحظة التي نحت فيها الملكة زنوبيا على الأوابد الشاهقة.. ينابيع كثيرة يمتح منها نبيل السمان، فهو صاحب مشروع واضح المعالم والمرتكزات يمكنه أن يحكيه قبل أن يرسمه أو قبل أن تداهمه الألوان في مرسمه النائي والهادئ في قبو على أطراف حي التجارة بدمشق.. تجربة تستحق النظر لما فيها من احتمالات وآراء مغايرة للعفوية أو الانفعالية التي تسم عادة أعمال الفنانين.. هنا حوار لتحولات مشرقية مع السمان في مكاشفات حول الفن واستيقاظ الأسئلة الإبداعية  فيما يجري من حرب:


* كيف يبدو التشكيل عند السوريين، وهم أول من اكتشف الأعمال الفنية الأولى تاريخياً، على مستوى ما فعله الأجداد في أعمال شهيرة مثل عشتار وجلجامش وغيرهم؟

- في مقاربة تاريخية لتطور العقل البشري في المشرق (الرافدين- بلاد الشام) بدايةً بالاستقرار، مروراً  بثقافة البيت الأول.. التدجين.. المحراث.. الأبجدية والنظم الرياضية والفلك، إلى أن نصل إلى القصة الأولى للخلق (الإينوما إيليش) بنسخها المتعددة من سومري وبابلي، حيث كرّت سبحة القصص الأسطورية مع اختراع الآلهة الأنثى: عشتار- تموز، إنانا- دموزي، وتفسير الخصب على أنه دورة الحياة في الموت وتجدد الحياة، إنها قصة طويلة لتطور العقل البشري الذي ظل عبر السنين يفسر ويبرر وجود الإنسان المؤقت ورحيله الفاجعي في قصة جلجامش (الربع إله) وبحثه عن عشبة الخلود.


ترافقت كل هذه القصص مع وجود الأثر الذي يضيء على خارطة التطور للإنسان، ومن ثم انتقال تلك المنجزات لأماكن أخرى وظهورها بأشكال أخرى..


إن فهم ما جرى بحاجة إلى رويّة، وتظل المسألة تحمل بعداً يتعلق بالهوية، ما جرى عبر ذلك التسلسل، وذلك ليس بالمعنى الماضوي (الشوفيني)، إنما لصالح تواضع العقل البشري حتى نصل ما انقطع من التطور.. الآرامية ووريثتها السريانية بمعنى تطور اللغة واشتقاقاتها.. واجهة قصر عشتار بالآجر المزجج والملون.. عمارة، زيقورات بشكل هرمي لمعبد يقترب من السماء، حدائق بابل المعلقة، الأختام الأسطوانية كأقدم ختم يقدم هوية ومسؤولية الإنسان عن وثيقة محفورة على لوح طيني، مشاهد الصيد، مشاهد تقديم القرابين، الموسيقا والآلات الإيقاعية، إلى القيثارة وأشكالها المتعددة ووجود الفرق الموسيقية الدينية والدنيوية أي الشعبية، الأسطورة وتفسير الوجود ملحمياً.


يستفزك اليوم تحطيم وسرقة المنجز الحضاري، وذلك بمعنى محو الذاكرة الجمعية التي تعطي وتميز أي شعب، وبالمعنى العولمي تحويل المجتمعات إلى مجتمعات حشرات وأرقام دون هوية أو مرجعية.


* نظرياً، كيف يمكن أن نواكب الحداثة وفي الوقت نفسه لا ننقطع عن الجذور، أو لا نقلد الآخر بالأحرى.


هل استطاع الفنان السوري تحقيق هذه المعادلة؟

- عمر الفن التشكيلي في سورية مئة عام أو أكثر، ولم يمر بالتسلسل الذي مرت به الفنون كمدارس فنية في أوروبا.


وهذا لا يقلل من الجهود الفكرية والحرفية التي قدمها هؤلاء الفنانون، ففي أوروبا كانت البداية من الكنيسة والأيقونة، وكان فن البلاط أي الأمراء والنبلاء، وكل ذلك كان مرافقاً لمراحل استعمارية مارستها شعوب تلك المناطق.


وكان للفن دور تسجيلي، فلا ننسى (دافيد) ولوحاته التي وثقت لحملات نابليون في أماكن متعددة (روسيا، مصر، حصار عكا).


أما في المشرق فهناك (فلاشات) تستوقفنا كمرجعية. مثل تدمر، تلك المدينة الواحة التي تألقت عمارةً ونحتاً ولوحات "فريسك" الجدارية الملونة والفسيفساء.. عوالم محلية لها خصوصيتها التي أعطت بعض الخصائص فيما بعد لاستلهام الهالات خلف الآلهة التدمرية للأيقونة البيزنطية حيث عممت فيما بعد.


نصل إلى فنون المشرق في الفترة الإسلامية التي ميزتها العمارة بدءاً من الأمويين ونموذجهم الشامي في الأندلس، إلى الزخرفة والخط.


المسجد الأموي والنموذج الصارخ حول تطوره من معبد حدد الآرامي إلى جوبيتير، ثم كنيسة يوحنا المعمدان وصولاً إلى المسجد الأموي ولوحات الفسيفساء للجنّة الموعودة على جدرانه، وغياب التشخيص، إلا من منمنمات الواسطي التي استلهمت من الفن التدمري والأيقونة البيزنطية، وألغت المنظور كنقلة باتجاه الحداثة.


نعم، غاب التشخيص، أو غيّب، وحورب الفن لاحقاً في الزمن العثماني الكئيب (حرق مسرح أبي خليل القباني) دخلنا نفق المحرمات بصرياً، بينما بقي الأدب كوعاء ثقافي مستمر، وطغيان المعنى الإسلامي العروبي ثقافياً غيّب تراثاً مهماً من أدب سرياني وموسيقا ورسم.


لم يستطع الفنان السوري في ظل تلك المعطيات أن يبقي تجربة الفن في نسق واحد منسجم، فهناك في بداية القرن الماضي مقاربة للواقع والبيئة كنتاج، ثم بدأ يستلهم المدارس الغربية، فظهر فنانون انطباعيون مثل ميشيل كرشة "وتلاميذه".


لم يظهر في التشكيل تيار يشبك مع الماضي ويحتفي بأساطير عشتار كما ظهر في الشعر (مجلة شعر) أدونيس والخال وغيرهم.. ولكن بقيت محاولات للإطلالة على ما سوّق كمنجز حضاري بالمعنى العروبي (معركة حطين وغيرها).


* تحضر الأسطورة بشكل كبير في أعمالك، وتحاول أن تستحضرها بشكل عصري مربوط مع الذهنية الحاضرة.. هل مرد ذلك إلى الفكرة النقدية والفلسفية التي تحملها، أم أن ذلك يتصل بمقياس جمالي قبل كل شيء؟


- إنها اللوحة.. مناسبة للتثاقف بين الإنجاز والمتلقي.. أعمل ومنذ أعوام على مشروع عنوانه العريض "في البدء كان الوطن".


وذلك من اللحظة التي شاهدنا جميعاً دخول القوات الأميركية إلى بغداد وسرقة الآثار التي تضيء على حقبة زمنية من تاريخ بدايات كل حق وخير وجمال للبشرية.


استفزني ذلك المشهد مع ما أحمله من إرث معرفي لقصة الإنسان في (الهلال الخصيب- سوراقيا)، غير أني لم أقم بذلك بشكل قصدي، أي إن هم إنجاز اللوحة الفنية لم يكن يذهب للوحة الوثيقة، بل إن ما أقوم به هو لوحة تحمل عبق الميثولوجيا ولكن بتقنية معاصرة، ومن الممكن أن نشاهد في العمل الواحد عدة أزمنة، فالمشاعر الإنسانية لم تتغير درامياً بدليل استمرار عرض مسرحيات شكسبير حتى يومنا هذا.


إنه الإنسان العقل، ومبررات وجوده واستمراره محملاً بكل تلك الجينات المتراكمة من فهم واحترام ونبل، رغم أن الحداثة في الفن وما بعد الحداثة وصلت إلى أماكن أكثر تجريداً.

بهذا المعنى أشعر أن هناك ما يجب البوح به قبل حرق المراحل وصولاً للكوني والمطلق في الانعتاق من الماضي، وقتل الآباء، ومشروعية إلغاء المرجعيات للولوج لحداثة ما بعد الحداثة.


* دخلت المعدات التقنية والرقمية وبرامج الكومبيوتر في صناعة اللوحة، حتى إن البعض قال إن معنى الرسم قد اختلف جذرياً.. هل من الممكن أن نتخيل فناناً شهيراً لا يتقن الخطوط والتشريح؟


- إن لغة العصر الذي نحيى فيه قد تغيرت (العالم قرية صغيرة)، ولكن لا تزال السمة الغالبة عليه لغة التسطيح الثقافي وتعميم الذائقة (العولمية) في الأدب والفن والموسيقا، وحتى في الطعام (الوجبات السريعة)، نعم نحن مع التكثيف والاختزال والذهاب للحداثة، إلا أن التمايز في الثقافات يعطي معنى للتنوع، بمعنى تعدد النكهات والجماليات لذلك المنجز، كما أنه يعود اليوم للحضور فن المحترف الذي يمثله فن (البوب أرت) بحرفية عالية وواقعية شديدة في مقاربة الواقع.


عاد فن الحفر ليتصدر المشهد، هناك عودة شديدة الحساسية، رغم هذا العالم الرقمي الملتبس هناك حنين للزمن الجميل برغم كل التطور.


أما فيما يتعلق بالحداثة في تطوير الأشكال فلدينا نموذج بارز في تاريخ الفن، (بيكاسو) الذي ترك لنا إرثاً طويلاً لا يزال لليوم مثار جدل غير محسوم، وقبل أن يصل إلى ما وصل إليه فقد عمل على العديد من الرسوم الواقعية قبل أن يذهب لذلك التحوير بصياغاته المدهشة ومنظوره الأكثر غرابة.


* يقول بعض النقاد إن اعتماد التجريد كان بمثابة هروب من الأسئلة الكبرى وبحث عن خيارات تعطي خصوصية للفنان في اللوحة، ألم يشكل التجريد ستاراً للمواهب المحدودة قبل عقود؟


- أعتقد أنه كان بحثاً مشروعاً عن دراما بصرية تخرج اللوحة من الأدب باتجاه الموسيقا، وطبعاً بمفردات خاصة بتلك التجربة... هناك تجارب في التجريد مرت في تاريخ الفن لا يمكن المرور عليها دون وقفة تأمل، وخصوصاً عمن كتب ونظّر وقدم نصاً مرافقاً لعمله الفني مثل "كانديسكي وبللوك وبولوكليه".


إن التجريد ابن معطى وبيئة أفرزته في سياق التطور (الثورة الصناعية)، إلا أن الكثير من المجردين كان لهم أسلوبهم الخاص والمميز، فاللوحة الفنية بقدر ما تحمل من أصالة مبدعها وإخلاصه لعمله بقدر ما يصل إلى النتائج التي يقرأها المختص قبل المتلقي.


* قبل عقود مضت تكررت أسماء محددة في الشعر والموسيقا والغناء والرسم، هل يمكن القول إن غياب الأسماء الكبيرة في الفنون من سمات هذه المرحلة؟ ولماذا؟


- إنه ليس غياباً بل هو عامل الاستثمار! أو بماذا سيتم الاستثمار؟ بالثقافة.. أم بسعر برميل النفط.. أم  بفورة التسلح وإيجاد بؤر توتر دائمة ونشر عولمة الرعب عبر وسائل الاتصال..


من يمول الإرهاب يعرف عن قصدية شديدة أن البحث عن الآثار وسرقتها سيأخذنا لزمن لا يشبه إلا قطعاناً غرائزية متناحرة.


غاب موقف المثقف (المتلبس) ليظهر زمن الاصطفافات وزمن ما قبل تكون المجتمع المعرفي وظهور الإنسان- المجتمع، العلماني والنهضوي، غاب دور النخب الثقافية التي تنتج حركة نقد تقدم المبدعين الأصيلين وتجاربهم.. ارتفع صوت القبح قتلاً وبنقل مباشر يجعل الجميع يلهث مؤجلاً الأسئلة الوجودية التي تبرر القادم من الزمن.


* هل يمكن مواكبة الجماليات العالمية في ثقافات الشعوب المختلفة عبر القطع مع الماضي أم بالتواصل والربط معه؟


- لا يمكن تجاوز المنتج الإنساني (كل الفنون -أدباً وموسيقا- عمارة ونحت، رسم وحتى الفنون التركيبية) دون الاطلاع وتذوق الأصيل من ذلك المنتج، ولكن بسياق المجتمع والبيئة التي أفرزت ذلك المعطى، والتشبيك بمعنى الاطلاع هو المهم مع ما يرافقه من نصوص نقدية وغير ذلك لفهم وتذوق ما يقدم.. ويبقى السؤال الأزلي: هل نتأثر ونعيد إنتاج ذلك المعطى؟ أم نبحث عن مفردات جديدة ليكون لنا نحن المشرقيين نكهتنا وزمننا، حيث نلملم ما بقي من انتصار لذواتنا وحقيقتنا وخصوصيتنا في المساهمة برفد المعطى الإنساني الذي يشبهنا، وللاطلاع بدور عرف عن أبناء منطقتنا عبر العصور؟


* يحضر المشهد السوري في جميع أعمالك برموزه التاريخية وأوابده الأثرية وحتى أفكاره الفلسفية، نظرته للعالم.. لماذا كل هذا الالتصاق بالحلم السوري..؟


- أعتقد أن المعطى التاريخي للمثقف الذي يحمل مشروعاً هو المحرض لما سوف يتم تقديمه... نعم نحن سوريون.. نحمل على كاهلنا آلاف السنين من التطور لحقيقة الوجود.. أن يتم التعبير عن كل تلك المعارف بصرياً لولوج عالم الحداثة أمر مشروع، أما عن التمظهرات لرموز وردت ويتم تداولها في مجموعة كبيرة من أعمالي الفنية فهي تشكل قراءة جديدة للمعطى المعرفي.. والأهم عدم تحولها لأعمال متحفية بالمعنى التوثيقي، ففي كل عمل جديد احتراق جديد وولادة جديدة، يقودك الحدس في الاستلهام والتأليف.. إنه إعادة لخلق.. كون مشتهى.. يفاجئك قبل أن يفاجئ المتلقي.. إنها عوالم موازية لواقع ملتبس.. لكابوس يرهق عالمك ويستفزك لتبرير الغد السوداوي.. عالم يكثف رعشة محتملة لزمن أقل إيلاماً وإيغالاً بالقتل المجاني والعبثي لأناس تعرفهم.. أو كنت تعتقد ذلك.


نعم يا صديقي، أنا ابن النطفة الأولى لهذه الأرض (الهلال الخصيب- سوريانا).. ابن أول حبة حنطة زرعت في رحم الآلهة الأم (الأرض).. ابن هذه الجغرافيا التي كانت تعطي سمناً وعسلاً وفكراً قدمه أبناؤها برحابة إلى البشرية جمعاء.


كل هذه الأفكار وأكثر تظهر في أعمالي.. نظرة إلى الكون والفن.. دراما لونية.. انتصار مؤقت يحمل حلماً بغد أقل يأساً.


* لنتخيل أن الفنانين هم من يقررون هندسة المدن وألوان الشرفات، وأشكال الأرصفة والشبابيك، ماذا كان سيحدث؟


- حدث ذلك ذات صدفة مع مبدعين أمثال (غاودي).. وعباقرة مدرسة (الباو هاوس) وآخرين ممن نشروا الثقافة البصرية حين أعطيت الفرصة لهم، وهناك مدن لم تدمرها الحروب فأصبحت (المدينة المتحف)، مثلما هناك مدن سادها التلوث البصري في ظل مجتمعات استهلاكية غزاها الاقتصاد الليبرالي الذي لا يهتم إلا بمضاعفة الكتلة النقدية واستغلال الفقراء وزيادة فقرهم ليتحولوا إلى قطعان تلهث وراء لقمة العيش بدل التمتع بالسيمفونية التاسعة للعبقري "بيتهوفن".


لن يعود الألق للحياة إلا بعودة النخب الثقافية وبجميع الاختصاصات للاطلاع بدورها وإتاحة الفرصة لممارسة حرية الرأي في الشؤون الثقافية وقبلها السياسية.. غياب المثقف عن كامل المشهد الحياتي هو ما أوصلنا إلى هذا البؤس من التراجع الحضاري، والإنساني والروحي.


* قال البعض باحتمال موت الفنون بسبب انقلاب مفهوم الحياة المعاصرة  وأسلوب عيش الإنسان.. هل يمكن تخيل البشرية بلا فنون؟


- محزن مجرد التفكير بفكرة شيطانية كهذه، مؤكد أن عزلة الإنسان قد زادت مع التطور "التكنولوجي".. ومحاولة التسطيح لكل الحضارات والثقافات والإقلال من أهمية الفهم لمستقبل ينتظر الإنسانية.. كما أن محاولة تصدير ثقافة من لون واحد من خلال المعلومات التي يتم تداولها في العالم الافتراضي لا تبرر اليأس في أن العقل البشري لن يحاول إيجاد السبل لتصحيح تلك المعطيات التي تحاول سوقه إلى الخواء الروحي.. وسرقة أحلام الأجيال القادمة بزمن أكثر عدالة وأقل وحشية.


نص متأخر:


أجساد ووجوه نسيت ظلالها.. في مشهدية طقسية لأساطير الخصب (عشتار وتموز)، (غلغامش وعشبة الخلود).. حدث درامي يشبه فضاءً مسرحياً.. تزاحمت فيه الكائنات التي تبادلت الأدوار مع الإنسان العقل (زيوس الذي صار ثوراً ليخطف أوروبا).. قطط.. وديكة وغزلان كلها شهود على الزمن.. صمت وتكثيف شديد يشبه قصائد الهايكو.. ليس الفصل شتاءً ولا صيفاً.. دورة الحياة لإنسان المشرق الذي ضيع ظله في زحمة الخيارات، فبات يتشبث ببعض ذكرياته منتشياً.. محاولاً الولوج  لزمن الحداثة.. حاملاً خلاصه الفردي عبئاً ثقيلاً.. لم تشفع له كل الإنجازات عبر تسلسل العصور والأزمنة.


فضاءات من لون وموسيقى وإيقاع الأحمر يرافق الأسود فاضحاً عري الأبيض.. خجل بنفسجي يحمل روحانية لأيقونة بيزنطية.. ودراويش الصوفية تسخر من كل الجمال المصطنع الذي خلفته حضارة الإسمنت لتضيّع آخر نبض من أصالة كان من الممكن أن تبرر لحظة من تواضع العقل البشري.


فرح البداهة يعادل لحظة الدهشة لكل ما هو طفل، للكشف الأول.. للنشوة الأولى..


في زمن الموت العبثي.. نحاول لملمة بقايا أرواحنا.. يا موت.. أيها القدر الفاجعي تحصد الشهداء.. وتوشح الأمهات بالأسود.


يا رماداً واجهته بكل ألوان الطيف.. لم أعد أشتمّ رائحة الأرض ساعة سقوط المطر.


رطوبة تشبه العتم.. برد دخل كل البيوت.. الفرح ليس مهنتي ولكن بعض الوهم كان أقدر على أن يخلق عالماً موازياً.. وألواناً لكرنفال موعود ليبرر الغد المنتظر.


 


آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net