Tahawolat

هناك مقولة للفيلسوف الألماني هيجل تقول: "إننا نتعلّم من التاريخ أنه يستحيل على البشر التعلّم من التاريخ".


والتاريخ هنا يعيد نفسه ويتأرجح بين شرق أوسط قديم وشرق أوسط جديد، فالآن ومع نهاية اتفاقية سايكس - بيكو والتي تمّت في الخفاء - ووضعت ملامح الحدود السياسية لغالبية دول المنطقة قبل قرابة مئة عام خلت، يتم حالياً الشروع في تنفيذ سايكس بيكو جديدة ولكن هذه المرة وهذه المرة ليست في الخفاء بل في العلن، وإن اختلفت الأدوار والأماكن في لعبة الكراسي الموسيقية الشرق أوسطية، ولكن دائماً الفائز واحد وللأسف، هذا الفائز متربص ويقظ منذ مئات السنوات يُعِدّ الخطط والمؤامرات ويحيكها سواء من على بُعد أو من قلب الحديث مرتدياً أقنعة كثيرة قناع المنبوذ.. قناع العدو.. قناع الصداقة.. قناع السلام، ومؤخراً قناع العنصرية..


إنه فائز واحد.. لاعب واحد مهما اختلف مساندوه (بريطانيا، أميركا)، أو لاعبوه (الحكومة - جيش الاحتلال – الموساد – الدبلوماسيون – الإعلام). إنه عدو واحد وهو إسرائيل..

فتارة يكون الفاعل وتارة أخرى يكون المفعول من أجله، أما الملعب أو المفعول به فهو الشرق الأوسط.


فمن رحم الاستعمار الأوروبي ولد الاستيطان الإسرائيلي، اما الهدف فهو احتلال وتطهير عرقي متعمد لأرض فلسطين.. تشريد الآلاف.. تقسيم الشرق الأوسط واتفاقية سايكس بيكو.. مخططات لتقسيم الشرق الأوسط على الورق وعلى أرض الواقع في السر وفي العلن.. ابتداع مصطلح شرق أوسط جديد بحجة السلام.. حتى عندما ظهر وجه جديد للصراع في الشرق الأوسط والمسمّى بحرب أنابيب الغاز..


في كل الاضطرابات والكوارث التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط فتش دائماً عن إسرائيل؛ فمن اليمن إلى منطقة حوض النيل تمتدّ الأصابع الإسرائيلية لسكب مزيد من الزيت على النيران لتصبح هي الفائز الوحيد من كل ما يجرى في منطقة الشرق الأوسط ( ).


فحالياً، هناك اتفاق دولي أممي وإقليمي لبناء الوجه الجديد للمنطقة – مثلما حدث تماماً في سايكس بيكو الأولى - مع المصالح النفطية للشركات متعددة الجنسيات وخاصة الأميركية في الفترة الراهنة.


النمط إذاً حديث، أو هكذا يبدو على السطح، وهو على الأقل متطور سريع التغيير. ولكن تحت الجلد هل هو منفصل حقاً عما سبقه من تاريخ؟

إن الذي يستقرئ مراحل التاريخ السياسي والاستراتيجي المتعاقبة يجبه دائماً أو غالباً بنمط ثلاثي متواتر لصراع القوى قد يختلف عن النمط المعاصر في التفاصيل والظلال والأبعاد، ولكن لعله لا يختلف عنه كثيراً في أساسياته وجوهره، الشرق الأوسط الجديد أو سايكس بيكو الثانية والذي تبدو حديثة العهد هي الأخرى ظاهرة قديمة لها اصول تاريخية بعيدة بدرجة أو بأخرى.


والجدير بالذكر هنا أن استراتيجية سايكس بيكو الثانية غير المعلنة والخبيثة هي استراتيجية "جيوسياسية"( ) تقوم على حرب أنابيب الغاز، وتعتبر بمثابة الوجه الآخر للصراع في الشرق الأوسطـ، وتخضع إعادة ترسيم الشرق الأوسط لأهداف اقتصادية واستراتيجية وعسكرية واسعة النطاق، والتي هي جزء من برنامج طويل الأمد للسياسة الأنجلو-أميركية والإسرائيلية في المنطقة. فقد تمّ تحويل الشرق الأوسط من قبل قوى خارجية إلى قنبلة موقوتة قد تنفجر في حالة شن هجمات جوية أنجلو-أميركية أو إسرائيلية ضد إيران وسوريا. كما يمكن أن يؤدي قيام حرب أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط إلى إعادة ترسيم الحدود بما يخدم المصالح الاستراتيجية الأنجلو أميركية والإسرائيلية.


إن التحليل الدقيق للنظام الإقليمي الشرق أوسطي المطروح يبيّن بجلاء الدور الإسرائيلي فيه، والمصالح الكبرى التي تجنيها "إسرائيل" منه لحل جميع أزماتها المستعصية الاقتصادية والأمنية والسياسية والاجتماعية.


إن الصراع على ثروات وهوية المنطقة والمخططات الأميركية والإسرائيلية هي حجر الزاوية وجوهر صياغة النظام الإقليمي الجديد في المنطقة. فهذا الصراع الذي يعيشه عالم اليوم، هذا الصراع الذي يتمزّق بين كتل العقائديات المتناقضة، وثورات الربيع العربي ورواجع الماضي المتربّصة، ما نمطه الإقليمي؟ وما هي أصوله التاريخية؟ وهذه التطورات العميقة التي يشهدها توزيع القوى والأوزان السياسية بين الدول والكتل والقارات والانقلابات الكاملة في استراتيجية الاستعمار والسيطرة، هل هي تحولات أو تحويرات للماضي بدرجة ما؟ أم هي طفرات وليدة الظروف والأحداث في تاريخ البشرية؟


ولمعرفة ذلك بطريقة علمية كان لزاماً علينا وبعد مرور مئة عام على وضع مخطط سايكس بيكو الاولى أن نعود بالتاريخ لأكثر من مئة عام لنفهم ونعرف كيف سيولد الشرق الأوسط الجديد من رحم الشرق الأوسط القديم؛ فتاريخ كل أمة خط متصل، وقد يصعد الخط أو يهبط، وقد يدور حول نفسه أو ينحني، ولكنه لا ينقطع0

فالبعد التاريخي لهذا الصراع والذي بدأ مع الاستعمار الأوروبي يعتبر مدخلاً هاماً للدراسات العلمية الجادة العميقة لواقعنا السياسي والاستراتيجي المعاصر.


قوى الاستعمار وترسيم خرائط الشرق الأوسط


"ليس كل صراع بين القوى هو من أجل الاستعمار.. ولكن كل استعمار هو صراع من أجل القوة"

 الاستعمار هو مصطلح يشير إلى ظاهرة سياسية، اجتماعية وثقافية تشمل إقامة مستوطنات أوروبية خارج أوروبا منذ القرن الـ15 واستيلاء الدول الأوروبية سياسياً واقتصادياً على مناطق واسعة في جميع القارات الأخرى، بما في ذلك إخضاع الشعوب القاطنة فيها لحكم الدول الأوروبية واستغلال كنوزها الطبيعية وعمل السكان المحليين لمصلحة الدول الأوروبية. انتهى الاستعمار تدريجياً خلال النصف الآخر من القرن الـ20، ولكنه يعتبر من أكثر الظواهر السياسية تأثيراً على صورة العالم المعاصر.


أدّت الثورة الصناعية التي عرفتها أوروبا في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر إلى حاجة الدول الأوروبية إلى المواد الخام التي اعتمدت عليها الصناعات الجديدة.


ولسدّ حاجة مصانع الدول كافة من المواد الخام، اندفعت الدول الأوروبية تبحث عن هذه المواد في أرجاء العالم (كالقطن من مصر، والماس والذهب من جنوب أفريقيا والأراضي الزراعية في الشمال الإفريقي، ولذلك عندما بدأ أباطرة الاستعمار الأوروبي يضعون الخطط لتقاسم مناطق النفوذ في آسيا وإفريقيا خططوا لتفكيك هذه البلدان وإعادة تركيبها جغرافياً لإضعافها وتسهيل السيطرة عليها. أوجدت دول أوروبا الاستعمارية مصطلحات الشرق الأدنى والشرق الأوسط والشرق الأقصى، وذلك انطلاقاً من قرب أو بعد هذه المناطق عن أوروبا فأطلقوا على المناطق البعيدة عن أوروبا والممتدة من الهند غرباً "بالشرق الأقصى"( )، وعلى المناطق القريبة من شرق البحر المتوسط "الشرق الأدنى"( ) وأصبحت المنطقة التي تتوسط الشرقَين الأقصى والأدنى تسمّى الشرق الأوسط.


الشرق الأوسط:



خريطة الشرق الأقصى بالموسوعة العربية المجلدالحادي عشر ص. 649


قد يكون هذا المصطلح تمّ صكّه في عقد 1850 في مكتب الهند البريطاني, ثم أصبح أكثر استعمالاً عندما استخدمه الاستراتيجي البحري الأميركي "ألفريد ثاير ماهان"( ). أثناء ذلك الوقت، كانت الإمبراطوريتان البريطانية والروسية تتصارعان على النفوذ في وسط آسيا, ذلك التنافس الذي صار معروفاً باسم اللعبة الكبرى. استوعب ماهان ليس فقط الأهمية الاستراتيجية للمنطقة, بل أيضاً أن مركزها هو الخليج العربي. فقد أطلق على المنطقة المحيطة بالخليج العربي اسم "الشرق الأوسط", وقد قال إنها بعد قناة السويس, هي أهم ممر يجب أن تسيطر عليه بريطانيا لتمنع الروس من التقدم نحو الهند.. ( )

الاستعمار الأوروبي للشرق الأوسط "الإمبراطورية العثمانية"( )
وصل عدد الولايات العثمانية إلى 29 ولاية، وكان للدولة سيادة اسمية على عدد من الدول والإمارات المجاورة في أوروبا، التي أضحى بعضها يُشكل جزءاً فعلياً من الدولة مع مرور الزمن، واستمرت قائمة لما يقرب من 600 سنة، وبالتحديد منذ حوالي 27 يوليو سنة 1299م حتى 29 أكتوبر سنة 1923م.


مراحلانكماش الاستعمار العثماني



يمكن القول إن السيطرة الاستعمارية على العالم العربي كانت بطيئة جداً حيث إنها لم تكتمل إلا في خلال حوالي تسعين عاماً، اي في الفترة من 1830 إلى 1920، وعلى ثلاث مراحل:



موجاتالاستعمار في العالم العربي



الموجة الأولى: ثلاثينيات القرن التاسع عشر حيث وقعت الجزائر تحت قبضة الاستعمار الفرنسي عام 1830، وعدن تحت سيطرة الاستعمار البريطاني عام 1839. ثم تم زحف الاستعمار البريطاني من عدن على طول الساحل الجنوبي والشرقي للجزيرة العربية حتى تمت له السيطرة عليها حتى الكويت شمالاً قبل نهاية القرن.


الموجة الثانية: مرحلة ثمانينيات القرن التاسع عشر، حيث مدت فرنسا نفوذها من الجزائر شرقا إلى تونس عام 1881. واحتلت بريطانيا مصر عام 1882م. ومن مصر توسعت بريطانيا نحو السودان تحت ستار استرداد السودان للتبعية التركية عام 1898 وتحت ستار اتفاقية الحكم الثنائي لعام 1899.
الموجة الثالثة والأخيرة: في العقد الثاني من القرن العشرين قبل الحرب العالمية الأولى وأثناءها حيث بدأت ايطاليا باقتطاع ليبيا من الدولة العثمانية في 1911- 1912.


وفي الوقت نفسه بدأت فرنسا تتوسع من الجزائر غرباً نحو المغرب الأقصى لتنفرد بها من بين مناورات القوى المختلفة، وتم لها هذا خلال الحرب حتى 1914.
أما المشرق العربي فقد كانت هذا الموجة أخطر فترة في تاريخه فقد سقط أغلبه – الهلال الخصيب - للاستعمار دفعة واحدة، وذلك كجزء من مساومات لا صلح فاستولت فرنسا على سوريا ولبنان، وبريطانيا على فلسطين والأردن والعراق. وفي هذه الفترة برز استخدام مصطلح الشرق الأوسط لدى الحركة الصهيونية تمهيداً لبدء استعمار آخر جديد.

الاستعمار الصهيوني وبروز مصطلح الشرق الأوسط


 تعاصرت بدايات الحركة الصهيونية مع آخر موجة كبرى من موجات الاستعمار الأوروبي الحديث وخاصة التكالب على افريقيا، فلقد تعلّقت الصهيونية بأذيال الموجة المدارية لتركبها ولتستثمر المناخ السياسي الاستعماري العام وصولاً إلى تحقيق أهدافها الخاصة في إنشاء الدولة اليهودية. والصهيونية من بدايتها حركة سياسية، ولكنها تقنعت منذ اللحظة الاولى بالدين لتخلق من "رؤيا العودة إلى أرض الميعاد" ايديولوجية تاريخية ودينية تجمع يهود الشتات حولها. وكذلك قناعاً وشعاراً تخفي به حقيقة أهدافها عن العالم الخارجي. ولهذا رفضت اقتراحات عدة لوطن قومي في غير فلسطين.


ولقد كان من المستحيل منذ البداية أن يتحقق الحلم إلا بالمساعدة الكاملة من قوى السيادة العالمية. ومن هنا التقت الإمبريالية العالمية مع الصهيونية لقاء تاريخياً على طريق المصلحة الاستعمارية المتبادلة: فيكون الوطن اليهودي قاعده تابعة وحليفاً مضموناً أبداً يخدم مصالح الاستعمار، وذلك ثمناً لخلقه إياه وضمانه لبقائه، وعلى طريق هذه المصلحة الاستعمارية المشتركة تحرك ارتباط الصهيونية بالإمبريالية، بحيث تحرك مركز الثقل في زعامة الإمبريالية، فكانت بريطانيا هي التي خلقت الوطن القومي لليهود منذ الحرب العالمية الأولى، بينما خلقت الولايات المتحدة الأميركية الدولة اليهودية منذ الحرب العالمية الثانية. وقد مرّ تكوين إسرائيل في الشرق الأوسط بعده بمراحل أهمها:


دعوات الاستيطان الأولى لفلسطين

كانت فلسطين تُعرف قديماً بأرض "كنعان"، نسبة إلى العرب الكنعانيين الذين عاشوا بها مع بعض القبائل الأخرى منذ سنة 2500 قبل الميلاد، استطاعت فلسطين أن تحافظ على عروبتها رغم الغزوات العدوانية التي جاءت عبر التاريخ، وعندما جاء العرب المسلمون حرّروها من الرومان، وازدهرت في فلسطين الحضارة العربية الإسلامية الخالدة.


ظلت فلسطين جزءاً عزيزاً من الوطن العربي الكبير، إلى أن اتفق الاستعمار مع الصهيونية العالمية على اختيار أرض فلسطين دون غيرها لتكون الوطن القومي لليهود، والسبب في ذلك يرجع إلى موقع فلسطين الاستراتيجي فهي تقع بين صحراء سيناء ومشارق الشام، وتعتبر قلب الأمة العربية بحكم موقعها المتوسط بين دول المنطقة. كما أنها تقع عند ملتقى القارات الثلاث (آسيا وأفريقيا وأوروبا) هذا بالإضافة إلى إشرافها على البحرين المتوسط والأحمر.

بدأت فكرة الاستيطان في فلسطين، تلوح في الأفق، بعد ظهور حركة الإصلاح الديني على يد مارتن لوثر في أوروبا، حيث بدأ أصحاب المذهب البروتستانتي الجديد ترويج فكرة تقضي بأن اليهود ليسوا جزءاً من النسيج الحضاري الغربي، لهم ما لهم من الحقوق وعليهم ما عليـهم من الواجـبات، وإنما هم شعب الله المختار، وطنهم المقدس فلسطين، يجب أن يعودوا إليه( )، وكانت أولى الدعوات لتحقيق هذه الفكرة ما قام به التاجر الدنماركي "أوليغـر بـولي" Oliger poulli عام 1695، الذي أعدّ خطة لتوطين اليهود في فلسطين، وقام بتسليمها إلى ملوك أوروبا في ذلك الوقت( ).


وتُعدّ حملة "نابليون بونابرت" (1769م - 1821م) على مصر وبلاد الشام بداية الصراع الاستعماري الأوروبي لاحتلال أقطار الوطن العربي في أعقاب الثورة الصناعية في أوروبا. فقد توجّه "نابليون بونابرت" بحملته إلى بلاد الشام بعد انتصاره على المماليك ودخوله القاهرة في 21 تموز/ يوليو 1798، واقتصرت حملة "نابليون بونابرت" على فلسطين، ولم تتجاوز الشريط الساحلي منها سوى منطقة الناصرة – طبرية، حيث هزمت الجيش العثماني، وبدأت الحملة باحتلال منطقة قطية على الحدود مع الشام في 23/12/1798 في سيناء ثم قلعة العريش، وبعد ثلاثة شهور أخذت الحملة بالتراجع إلى مصر بعد فشلها في احتلال عكا في 20 مايو 1799م.


وأثناء غزو "نابليون بونابرت" لمصر عام 1798م، دعا نابليون اليهود لتوطينهم في فلسطين، حيث أصدر هناك بياناً يحث فيه اليهود في آسيا وأفريقيا على مساعدته في إعادة بناء دولتهم القديمة واستعادة مجدهم التاريخي في فلسطين قائلاً:


 "يا ورثة فلسطين الشرعيين، ندعوكم للمساهمة في السيطرة على بلادكم من أجل أبناء أمتكم، ولكي تصبحوا أسياد فلسطين الحقيقيين" ( )
وتعتبر دعوة "نابليون بونابرت" هي الدعوة الأولى لتوطين اليهود في أرض فلسطين، حيث إن الدعوات التي ظهرت قبل ذلك كانت بتوطين اليهود ليس في فلسطين بل في "مصر"، وأولى هذه الدعوات كانت نداء لـ"شبتاي زيفي"( ) (1626م- 1676م) دعا فيه اليهود في عام 1666م عندما ذهب إلى القسطنطينية للهجرة ليس إلى فلسطين بل إلى إقليم الوجه البحري من مصر لإقامة وطن قومي لهم.


وقد تجدّدت دعوة اليهود للهجرة إلى مصر لإقامة وطن قومي لليهود مرة أخرى، في عام 1798م. في صورة رسالة أخرى من يهودي ايطالي إلى إخوانه اليهود يدعوهم فيها للهجرة لإقامة وطن لليهود في مصر السفلى وذلك بناء على ترتيبات فرنسا.
وهناك أيضا دعوى الإنجليزي "جيمس بيشينو"( ) والتي وردت في كتابه "إرجاع اليهود" الذي نشره عام 1800م وكانت بمثابة دعوى لحكام البلاد – بريطانية - لاستغلال نفوذهم لدى الباب العالي.

بدايات التسلل إلى فلسطين

بدأت هذه المرحلة عندما استخدمت عائلة "روتشيلد" نفوذها القوي وثرواتها الطائلة في الضغط على الحكومة الإنجليزية باستغلال احتياج بريطانيا للأموال، بعد أن أوشكت على إعلان هزيمتها في الحرب العالمية أمام جيش ألمانيا وقتها، فقدّم "آل روتشيلد" القروض للمملكة المتحدة بسخاء، وكان المقابل تفعيل وعد بلفور الذي صدر عن وزير الخارجية البريطاني سنة 1917.
ومن خطابات "روتشيلد" التي تفضح هذه المؤامرة نذكر منها الخطاب الذي وجّهه البارون روتشيلد في مارس عام 1840م إلى وزير خارجية بريطانيا آنذاك اللورد "بالمرستون"( ) قال فيه:


"إن هزيمة محمد علي وحصر نفوذه في مصر ليسا كافيين، لأن هناك قوة جذب بين العرب، وهم يدركون أن عودة مجدهم القديم مرهون بإمكانات اتصالهم واتحادهم، إننا لو نظرنا إلى خريطة هذه البقعة من الأرض، فسوف نجد أن فلسطين هي الجسر الذي يوصل بين مصر وبين العرب في آسيا. وكانت فلسطين دائماً بوابة على الشرق، والحل الوحيد هو زرع قوة مختلفة على هذا الجسر في هذه البوابة، لتكون هذه القوة بمثابة حاجز يمنع الخطر العربي ويحول دونه، وإن الهجرة اليهودية إلى فلسطين تستطيع أن تقوم بهذا الدور، وليست تلك خدمة لليهود يعودون بها إلى أرض الميعاد مصداقاً للعهد القديم، ولكنها أيضاً خدمة للإمبراطورية البريطانية ومخططاتها، فليس مما يخدم الإمبراطورية أن تتكرّر تجربة محمد علي سواء بقيام دولة قوية في مصر أو بقيام الاتصال بين مصر والعرب الآخرين".

وفي 11 أغسطس 1840م. حاولت بريطانيا أن تردّ على محاولة محمد علي توحيد مصر وسوريا فكتب وزير الخارجية البريطاني آنذاك "بالمرستون" إلى سفيره في اسطنبول بخصوص توطين اليهود في فلسطين يطلب منه أن يقنع السلطان وحاشيته بأن الحكومة الانجليزية ترى أن الوقت أصبح مناسباً، لأن تفتح ابواب فلسطين أمام اليهود، وهذا هو نص الرسالة:
"يقوم بين اليهود الآن المبعثرين في كل أوروبا شعور قوي بأن الوقت الذي ستعود فيه أمتهم إلى فلسطين آخذ في الاقتراب. ومن المعروف جيداً أن يهود أوروبا يمتلكون ثروات كبيرة، ومن الواضح أن أي قطر يختار أعداداً كبيرة من اليهود أن يستوطنوه سيحصل على فوائد كبيرة من الثروات التي سيجلبها معهم هؤلاء اليهود. فإذا عاد الشعب اليهودي تحت حماية ومباركة السلطان فسيكون في هذا حائلاً بين محمد علي ومن يخلفه وبين تحقيق خطته الشريرة في المستقبل. وحتى إذا لم يؤدِ هذا التشجيع الذي سيقدمه السلطان لليهود بالفعل إلى استيطان عدد كبير منهم في حدود الإمبراطورية العثمانية إلا أن إصدار قانون من هذا النوع سيعمل على انتشار روح الصداقة تجاه السلطان بين جميع يهود أوروبا، وسترى الحكومة التركية في الحال كم سيكون مفيداً لقضية فلسطين أن يكسب أصدقاء مفيدين في كثير من الأقطار بقانون واحد بسيط كهذا."( )

الهجرة الأولى إلى فلسطين


ارتبط أبناء فريق يهودي من الجيل الناشئ في الستينيات والسبعينيات من القرن التاسع عشر بالحركة الثورية الروسية. وتأثروا إلى مدى عميق بالتفكير "الراديكالي"( ) للعصر. فشكل هذا الفريق حركة "الهاسكالا"( )، واتجه فريق آخر نحو إنشاء حركة يهودية قومية، وإلى استعمار فلسطين، وسرعان ما قامت جمعيات مختلفة في أنحاء متفرقة من أوروبا وخاصة في روسيا تدعو إلى حب صهيون، وكان الهدف المشترك لهذه الجمعيات، دعم حركة الاستيطان اليهودي في فلسطين عبر تشجيع الهجرة وإقامة المستعمرات. وكان لنشاط اليهود الروس من طلبة الجامعات، أثره في ظهور جماعة رواد "أحباء صهيون" – "بيلو"( ) التي عملت على تنظيم وتنشيط الهجرة إلى فلسطين على أساس قومي مستندة إلى تعاليم التوراة، وقد ارتكز برنامجها الأساسي على ثلاث نقاط: محاربة الاندماج، الشعور القومي.. استيطان فلسطين ويمكن اعتبار حركة "أحباء صهيون" أول حركة صهيونية منظمة، ذات طابع سياسي، وقد وصل عدد المستوطنات التي أسستها طلائع الهجرة الأولى إلى فلسطين، خلال السنوات 1882 – 1884 إلى ثمانية".( ) وهكذا بدأ التسلل الاستيطاني الصهيوني إلى فلسطين.


وفي عام 1885: ظهر لأول مرة مصطلح الحركة الصهيونية على يد "ناثان برنباوم" الفيلسوف اليهودي النمساوي وكان هدف الحركة هو الاستيطان في فلسطين.
عام 1896: نشر الصحافي الصهيوني "ثيودور هيرتسل" كتاب "الدولة اليهودية" باللغة الألمانية، لكن يهود اوروبا كانوا يجدون حلمهم في الهجرة إلى أميركا هذا ما جعل الطبيب "ماكس نوردو" الساعد الأيمن لهيرتسل يرسل اثنين من اكبر رجال الدين اليهود إلى فلسطين، لكنهم بعد زيارة فلسطين ارسلوا جواباً من سطر واحد جاء فيه:


"العروس جميلة جداً ومستوفيه لجميع الشروط ولكنها متزوّجة فعلاً".


وفهم نوردو ان المقصود أن فلسطين ليست كما ذكر هيرتسل أرض بلا شعب وأن فيها شعباً يسكنها منذ آلاف السنين.
ومن أجل دعم جميع هذه المشاريع والمؤسسات السابقة، قام البارون روتشيلد عام 1883 بإنشاء الجمعية اليهودية للاستعمار في فلسطين المعروفة باسم بيكا (Bica) ( )، لتتولى عملية تمويل شراء الأراضي في فلسطين، وتنظيم الهجرة اليهودية إليها.


وقد أمدّ أغنياء اليهود في العالم هذه الجمعيات الصهيونية بالمال وشجعوا على زيادة الهجرة حتى بلغ عدد المستعمرات اليهودية في فلسطين حتى عام 1900 حوالي 17 مستعمرة.
بقيت الحركة الصهيونية مفتقرة إلى التنظيم والتخطيط، إلى أن تمكن "ثيودور هرتزل"( ) من عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية في 28 أغسطس 1897.
تبنى المؤتمر برنامج تأسيس وطن معترف به للشعب اليهودي في فلسطين وذلك بمشاركة ممثلي الجاليات اليهودية في العالم، وتم اتخاذ القرارات التالية:


النسخةالعبرية للمؤتمر الصهيوني الأول



1.    إن هدف الصهيونية هو إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين بالوسائل التالية. تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين. تنظيم اليهود وربطهم بالحركة الصهيونية. واتخاذ السبل والتدابير للحصول على تأييد دول العالم للهدف الصهيوني (الحصول على شرعية دولية).
2.    تشكيل المنظمة الصهيونية العالمية بقيادة ثيودور هرتزل.
3.    تشكيل الجهاز التنفيذي "الوكالة اليهودية" لتنفيذ قرارات المؤتمر ومهمتها جمع الأموال في صندوق قومي لشراء الأراضي وإرسال المهاجرين لإقامة المستعمرات لليهود في فلسطين. بعد انتهاء أعمال المؤتمر الصهيوني الأول خرج ثيودور هرتزل على الصحافيين والابتسامة العريضة تعلو شفتيه، وقال لهم لقد قررنا إنشاء الوطن القومي لليهود وقد تضحكون إذا أخبرتكم أن هذا الوطن سيتحقق خلال خمسة أعوام وعلى الأغلب خلال خمسين عاماً على الأكثر.

بداية المؤامرة البريطانية الصهيونية

ثم بدأت خيوط المؤامرة البريطانية الصهيونية السرية، وذلك عندما أكدت بريطانيا بأن مصلحتها على إقامة دولة يهودية على أرض فلسطين بالذات. وقد ارتكزت المؤامرة البريطانية الصهيونية لاحتلال فلسطين وتفتيت الشرق الأوسط على محطات متتالية عدة. وهي كالتالي:


أولاً: وثيقة كمبل السرية (1907).
ثانياً: توماس إدوارد لورنس ودوره الخطير في خداع العرب (1913-1916)
ثالثاً: 1915 مذكرة سرية بعنوان مستقبل فلسطين
وسوف يتضح لما بعد استعراض هذه المحطات الثلاث مدى أهميتها وخطورتها وكيف أنها مهدت الطريق لاتفاقية سايكس بيكو التي ساهمت في تقسيم الشرق الأوسط وإعادة رسم الخرائط الجغرافية الخاصة به.

أولاً: وثيقة كمبل السرية
تعتبر وثيقة "هنري كامبل بنرمان" رئيس وزراء بريطانيا (1905-1908) من اولى الوثائق التي تحمل استراتيجية تفكيك للشرق الأوسط، مثلما ورد في وثيقة السير والمعروفة بوثيقة "كامبل السرية" والتي انبثقت عن مؤتمر عام 1907 وجاء فيها:
"بأنه من المهم إقامة حاجز قوي وغريب على الجسر الذي يربط البحر الأبيض بالبحر الأحمر".


                       وثيقة كمبل السرية 1907


حدث هذا عندما قام حزب المحافظين البريطاني عام 1905 بتوجيه الدعوة إلى كل من فرنسا وهولندا وبلجيكا واسبانيا وإيطاليا لعقد مؤتمر يتمّ من خلاله وضع سياسة لهذه الدول الاستعمارية تجاه العالم وبالذات تجاه العالم العربي. وفي عام 1907 انبثقت وثيقة سرية عن هذا المؤتمر سمّوها "وثيقة كامبل" نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك "هنري كامبل بنرمان" تهدف إلى إقامة الكيان الصهيوني في فلسطين، والسيطرة على الموقع الجيواستراتيجي الهام للوطن العربي وعلى قناة السويس، ونهب ثرواته الطبيعية والحيلولة دون تطوره ودون تحقيق الوحدة العربية. وجاء في هذه الوثيقة:


"إن البحر الأبيض المتوسط هو الشريان الحيوي للاستعمار، لأنه الجسر الذي يصل الشرق بالغرب والممر الطبيعي إلى القارتين الآسيوية والإفريقية وملتقى طرق العالم وأيضاً هو مهد الأديان والحضارات. ويعيش على شواطئه الجنوبية والشرقية بوجه خاص شعب واحد تتوفّر له وحدة التاريخ والدين واللسان".



 وإن أبرز ما جاء في توصيات هذا المؤتمر الإبقاء على شعوب هذه المنطقة مفككة جاهلة متأخرة. وعلى هذا الأساس قاموا بتقسيم دول العالم بالنسبة اليهم إلى ثلاث فئات:


الفئة الأولى: دول الحضارة الغربية المسيحية (دول أوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا). الفئة الثانية: دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية، ولكن لا يوجد تصادم حضاري معها ولا تشكل تهديداً عليها (كدول أميركا الجنوبية واليابان وكوريا وغيرها).


الفئة الثالثة: دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ويوجد تصادم حضاري معها وتشكل تهديداً لتفوقها (وهي بالتحديد الدول العربية بشكل خاص والإسلامية بشكل عام). والواجب تجاه هذه الدول هو حرمانها من الدعم ومن اكتساب العلوم والمعارف التقنية وعدم دعمها في هذا المجال، ومحاربة أي اتجاه من هذه الدول لامتلاك العلوم التقنية ومحاربة أي توجه وحدوي فيها.


ولتحقيق ذلك دعا المؤتمر إلى إقامة دولة في فلسطين تكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعادٍ يفصل الجزء الإفريقي من هذه المنطقة عن القسم الآسيوي والذي يحول دون تحقيق وحدة هذه الشعوب ألا وهي دولة إسرائيل واعتبار قناة السويس قوة صديقة للتدخل الأجنبي وأداة معادية لسكان المنطقة.


ويشكل هذا المؤتمر النواة الأساسية والتي انبثق عنها كل من اتفاقية "سايكس بيكو" و"وعد بلفور" ومؤتمر فرساي( ) ومؤتمر "سان ريمو"( ) و"معاهدة سيفر"( ) و"معاهدة لوزان" ( ) وبصدور قرار التقسيم 181 بتاريخ 29/11/1947 وإعلان قيام دولة إسرائيل بتاريخ 15/5/1948 وبتاريخ 11/5/1949 تبوأت إسرائيل مقعدها في الأمم المتحدة بصفتها العضو 59 في المنظمة الدولية.


كما فتحت وثيقة كمبل الباب على مصراعيه للحركة الصهيونية لاستخدام وتعميم مصطلح الشرق الأوسط، بديلاً للوطن الواحد والشعب الواحد والأمة الواحدة، نظراً لأنه ملتقى القارات الثلاث ويُشرف على أهم الممرات المائية كقناة السويس، ومضيق باب المندب، والخليج، وخليج العقبة ومضيق هرمز، ويختزن أكثر من ثلثي احتياطي النفط العالمي.
ثانياً: توماس إدوارد لورنس الشهير بلورانس العرب


ولم يقف الاهتمام بقضية الشرق الأوسط وطريقة السيطرة عليه عند حد الكتب وإصدار القرارات بل تساعد الأمر لأخطر من ذلك هو حياكة المؤامرات من داخل الشرق الأوسط عن طريق الاستخبارات البريطانية بالتعاون مع الحركة الصهيونية. وانا هنا اتحدت عن لورانس العرب الذي استطاع بطرقه الخبيثة خداع العرب وتسبب في اتفاقية سايكس بيكو لتقسيم الشرق الأوسط، وبدأت المؤامرة عندما استدعت القيادة الإنكليزية أصحاب الخبرة في البلاد العربية ومنهم لورنس الذي التحق بسلك المخابرات العسكرية، وعندما دخلت تركيا الحرب في أواخر عام 1913 عُيّن لورنس في القاهرة مشرفاً على شبكة للتجسس كان هو يختار أعضاءها بنفسه، ومن مُهماته تهيئة الخرائط العسكرية وضبط وتنظيم المعلومات الواردة التي تُؤخذ من الأسرى والفارين من الجيش العثماني وتنسيقها مع المعلومات الواردة من الجواسيس.


وكان همّ لورنس في ذلك الوقت التأثير على زعماء العرب وكسب ودّ العشائر والقبائل لدفعهم للقيام بالثورة ولو من خلال لبس لباسهم وسلك سلوكهم كي يتمكّن من أن التحكم بهم تحكم الاستعماريين بالشعوب. يقول في كتيب "البنود 27" الذي أعدّه لتعليم الضباط على طرق التحكم بالعرب:


 "إذا أمكنك لبس لِباس العرب عندما تكون بين رجال القبائل فإنّك تكسب بذلك ثقتهم".
وبهذا تعلّم لغتهم وتغلغل في مجتمعاتهم وصحاريهم وسار في طرقهم وأسفارهم واختلط بقبائلهم وبدوهم، فدرسهم وكسب ثقة الأغبياء منهم وعرف نقط ضعفهم واستغلها لمصلحة بلاده.
وقد اعترف لورانس وعلى لسانه بأنه خدع العرب في كتابه الشهير (أعمدة الحكمة السبعة)، حيث قال:


"أما الشرف فقد فقدته يوم أكدت للعرب بأن بريطانيا ستحافظ على وعودهم. لقد جازفت بخديعة العرب, لاعتقادي أن مساعدتهم ضرورية لانتصارنا القليل الثمن في الشرق, ولاعتقادي أن كسبنا للحرب مع الحنث بوعودنا أفضل من عدم الانتصار. وإني أكثر ما أكون فخوراً أن الدم الانجليزي لم يسفك في المعارك التي خضتها لأن جميع الأقطار الخاضعة لنا (أي العرب)، لم تكن تساوي في نظري موت انجليزي واحد".

في تقرير سريّ كتبه لورنس عام 1916 بعنوان "سياسة مكة" أوضح فيه رأيه في ثورة العرب: "إنّ نشاط الحسين مفيد لنا إذ إنّه ينسجم مع أهدافنا الكبيرة، وهي تفكيك الرابطة الإسلامية وهزيمة الإمبراطورية العثمانية وانحلالها، لأنّ الدول التي ستنشأ لتخلف الأتراك لن تشكل أي خطر على مصالحنا... فإذا تمكّنا من التحكم بهم بصورة صحيحة، فإنهم سيبقون منقسمين سياسياً إلى دويلات تحسد بعضها البعض ولا يمكن أن تتحد".

خدع توماس العرب وعمل على تحطيم قوى الجيش العثماني ونسف القطارات المحمّلة بالذخائر، فلما انتهت المعركة وأعلن "لورد اللنبي" في القدس (1917):
"الآن انتهت الحروب الصليبية" وأعلن "غورو" في دمشق قولته: "ها نحن قد عُدنا يا صلاح الدين".


عمد لورنس إلى أعظم سرقة حين سلب من قبر صلاح الدين إكليلاً من الذهب كان قد قدّمه له الإمبراطور غليوم يوم زيارته لدمشق. ولما نجحت خطط الاستعمار البريطاني، اتجه بجهوده لإنجاح خطط الصهيونية وأقنع فيصل بالاجتماع بـ ويزمان زعيم اليهود.


كان لورنس يؤمن أن الثورة العربية هي تقطيع أوصال الدولة العثمانية وإيقاع الخلاف بين العرب والترك وفتح الطريق أمام الصهيونية إلى فلسطين.
جاء في تقرير سري لـ (لورانس العرب) بعنوان (احتلال سورية) ما يلي حرفياً:


"إن شئنا ضمان السلام في جنوب سورية، والسيطرة على جنوب بلاد ما بين النهرين وجميع المدن المقدسة، فيجب أن نحكم دمشق مباشرة".
وبعد فشل المؤتمر ونكث بريطانيا بوعودها لهم, رجع (لورانس) إلى بريطانيا وانضمّ إلى القوى الجوية باسم مستعار (روس), وغيَّر في الوقت نفسه اسمه إلى (ت.أ.شو).


ثالثاً: مذكرة سرية بعنوان مستقبل فلسطين

وفي يناير عام 1915 قدمت لمجلس الوزراء البريطاني مذكرة سرية بعنوان مستقبل فلسطين، كتبها أول صهيوني يهودي يصل إلى منصب وزير بريطاني "هيربرت صموئيل" – وكانت المذكرة السرية على فلسطين بعد مناقشات مع وايزمان ولويد جورج. وكانت تحتوي على حجج لصالح الجمع بين الضم البريطاني لفلسطين مع الدعم البريطاني للتطلعات الصهيونية. ويعتبر صموئيل هو الذي خلق إسرائيل قانونياً فلقد وضع حوالي 100 قانون لتسريب الأراضي العربية لأيادي اليهود - جاء في الوثيقة:


"الوقت الحاضر ليس مناسباً لإنشاء دولة يهودية.. والمأمول أن يمنح الحكم البريطاني تسهيلات للمنظمات اليهودية في شراء الأراضي وإقامة المستعمرات وإنشاء المؤسسات الدينية والتربوية، والتعاون في التطور الاقتصادي للبلاد، وأن تعطى الهجرة اليهودية، بعد ضبطها بعناية فائقة، الأفضلية حتى يتمكن السكان اليهود من مرور الوقت من أن يصبحوا أكثرية مستوطنة في البلاد وبذلك ينالون مقداراً من الحكم الذاتي وفقاً لما تتيحه الظروف القائمة في ما بعد". (


خريطةاتفاق سايكس بيكو كانت سرية ومغلقة في رسالة بولس كامبون إلى السير إدوارد غراي، 9مايو 1916..


كانت تفاهماً سرياً بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد تهاوي الإمبراطورية العثمانية، المسيطرة على هذه المنطقة، في الحرب العالمية الأولى. تم الوصول إلى هذه الاتفاقية بين نوفمبر من عام 1915 ومايو من عام 1916 بمفاوضات سرية بين الدبلوماسي الفرنسي "فرانسوا جورج بيكو" والبريطاني "مارك سايكس"، وكانت على صورة تبادل وثائق تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك.
ولقد تمّ تقسيم منطقة الهلال الخصيب بموجب الاتفاق، وحصلت فرنسا على الجزء الأكبر من الجناح الغربي من الهلال (سوريا ولبنان) ومنطقة الموصل في العراق. أما بريطانيا فامتدت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسعاً بالاتجاه شرقاً لتضم بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية في سوريا. كما تقرر أن تقع فلسطين تحت إدارة دولية يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا. ولكن الاتفاق نص على منح بريطانيا ميناءي حيفا وعكا على أن يكون لفرنسا حرية استخدام ميناء حيفا، ومنحت فرنسا لبريطانيا بالمقابل استخدام ميناء الاسكندرونة الذي كان سيقع في حوزتها.


وقد تقرّر ترك فلسطين ككونفدرالية دولية (منطقة دولية) انتظاراً لقرار روسيا وشريف مكة حسين بن علي والذي كان بدوره وصل لتفاهم مع السير "مكماهون" المفوض الإنجليزي في تلك الفترة حول الأراضي العربية تحت الاحتلال العثماني، والتي أصبحت الآن تابعة لهم فيما يُسمّى بتفاهم الحسين - مكماهون Hussein-McMahon Correspondence
حيث وعد مكماهون، حسين بن علي باعتراف بريطانيا بآسيا العربية كاملة دولة عربية مستقلة، إذا شارك العرب في الحرب ضد الدولة العثمانية. وهذا ما تم خلال الثورة العربية الكبرى. رأى القوميون العرب وعود مكماهون في رسائله على أنها عهد بالاستقلال الفوري للعرب.


نص المنشور الذي ألقتهالطائرات البريطانية وموجه من الشريف حسين إلى الجنود والضباط العرب في الجيشالتركي في فلسطين سنة 1915


كما وعد "مكماهون" شريف مكة بالاعتراف بالأراضي العربية التي كانت تحت الاحتلال العثماني والإعلان عن استقلالها. لكن هذه الوعود تم خرقها بتقسيم فرنسا وبريطانيا للمنطقة باتفاقية سايكس بيكو السرية في مايو 1916 (والتي كشف عنها عام 1917 مع وصول الشيوعيين إلى الحكم في روسيا)، والتي تنص على اقتسام الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد تهاوي الدولة العثمانية، المسيطرة على هذه المنطقة، في الحرب العالمية الأولى.


وقد تمّ الكشف عن اتفاق سايكس بيكو بوصول الشيوعيين إلى سدة الحكم في روسيا عام 1917، مما أثار الشعوب التي تمسها الاتفاقية وأحرج فرنسا وبريطانيا وكانت ردة الفعل الشعبية – الرسمية العربية المباشرة قد ظهرت في مراسلات حسين ــــ مكماهون( ).


وفي 2-11- 1917 وافق مجلس الوزراء البريطاني برئاسة ديفيد لويد جورج على إصدار وعد بريطاني على إنشاء وطن قوميّ لليهود في فلسطين( ). كتب الوعد على صورة رسالة وزير الخارجية آرثر بلفور إلى الوزير الصهيوني ليون روتشيلد
كما أعلنت من خلاله نيّتها بذل كلّ الجهد اللازم من أجل تسهيل تحقيق هذه الغاية. كان هذا التصريح إطاراً مهمٍّا أسْهَمَ في تسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين، وفي دعم مساعي الحركة الصهيونيّة المتلاحقة في سبيل تأسيس مؤسّساتها السياسيّة والاجتماعيّة وخلق نواة الدولة اليهوديّة.



أول محاولة أميركية لرسم خريطة الشرق الأوسط
وثيقة هنري كينج وتشارلز كرين


مع انتهاء الحرب العالمية الأولى واثناء الإعداد لمؤتمر السلام في باريس ارسل الرئيس الأميركي ويلسون لجنة برئاسة الاكاديمي "هنري كينج " والسياسي "تشارلز كرين" إلى الشرق الأوسط لدراسة الوضع.


بعد ثلاثة أسابيع زار فيها المبعوثان 36 مدينة، والتقيا القيادات المحلية والدينية في سوريا ولبنان وفلسطين وجنوب تركيا، اقترح فريقهما أن تنقسم الأراضي وفقاً لهذه الخريطة:



خرطةكينج لتقسيم الشرق الأوسط عام 1919


وواصلت اللجنة جولتها في المدن والقرى الفلسطينية حيث تعرفت على مواقف مختلف الأطراف، ثم سافرت إلى دمشق وأجرت فيها استفتاء شمل العلماء وممثلي الطوائف والحرف وممثلي مجلس الشورى وغيرهم، وتسلَّمت مذكرة من المؤتمر السوري العام تضمَّنت المطالب العربية الأساسية، كما انتقلت اللجنة إلى شرق الأردن وبيروت واطلعت على آراء السكان هناك. ثم توجَّهت بعد ذلك إلى الآستانة، حيث عكفت على دراسة المذكرات والوثائق التي تلقتها وبلغت 1863 مذكرة، وانتهت من وضع تقريرها في أغسطس 1919.



نشر أول تقرير في مجلة "المحرر والناشر" في ديسمبر كانون الأول عام 1922. وقد وصفت الجريدة الوثيقة باعتباره "وثيقة قمع رسمية من حكومة الولايات المتحدة". وبالرغم من أن الوثيقة كانت في عام 1919 الا انها لم تنشر حتى عام 1922 وقام بكتابتها "هنري تشرشل كينغ وتشارلز كرين" ولم يُنشَر تقرير لجنة كينج رسمياً كاملاً إلا عام 1947.




قدما تقريراً جاء في توصياته:


"إذا أردنا تطبيق مبادئ العدالة الأميركية فإن أماني الشعب الفلسطيني هي التي يجب ان تقرر مستقبل فلسطين. إن تسع اعشار السكان في فلسطين يعارضون برنامج الصهيونية وهذا الشعور عام في جميع سوريا. لقد اكد كل مسؤول بريطاني ان برنامج الصهيونية لا يمكن تنفيذه إلا بقوة السلاح وأن هناك حاجة عن ما لا يقل عن 50 الف جندي للبدء في تنفيذ هذه البرنامج. ولذلك نوصي بالتالي عن فكرة جعل فلسطين كومنويلث يهودي".


وكانت أهم توصيات اللجنة:
1 ـ ضرورة تحديد الهجرة اليهودية إلى فلسطين والعدول نهائياً عن الخطة الرامية إلى جعلها دولة يهودية.
2 ـ ضم فلسطين إلى دولة سوريا المتحدة لتكون قسماً منها.
3 ـ وضع الأماكن المقدَّسة في فلسطين تحت إدارة لجنة دولية تشرف عليها الدولة المنتدبة وعصبة الأمم، ويمثِّل اليهود فيها بعضو واحد.


وقد قوبل تقرير اللجنة بالرفض التام من جانب فرنسا وبريطانيا والحركة الصهيونية. أما الولايات المتحدة ـ التي كان رئيسها صاحب فكرة إرسال اللجنة ـ فلم تُعر انتباهاً هي الأخرى لتوصيات اللجنة، رغم ما نص عليه تقريرها من أن المشروع الصهيوني يناقض مبدأ الرئيس ويلسون بشأن حرية الشعوب في تقرير مصيرها. وإذا وضعنا في الاعتبار أن ويلسون نفسه كان قد وافق على تصريح بلفور قبل إعلانه، فستتضح على الفور حقيقة الموقف الأميركي وحقيقة أن تلك المبادئ لم تكن في الواقع إلا ستاراً للمصالح الاستعمارية.
أما بالنسبة لبريطانيا ففي عام 1920، عيّنت اول حاكم بريطاني لفلسطين ووقع اختيار الحكومة البريطانية لمنصب المندوب السامي البريطاني على اليهودي الصهيوني "هربرت صموئيل". وقد جاء صموئيل ليطبق ما اقترحه منذ خمسة اعوام وهو تهيئة فلسطين لتكون دولة يهودية، حيث كانت المادة الثانية من بنود صك الانتداب البريطاني الذي صادقت عليه عصبة الأمم تنص على:


أولا: "تكليف بريطانيا بوضع البلاد في حالة سياسية وإدارية واقتصادية تسمح بإنشاء الوطن القومي اليهودي ومنذ اليوم الاول اعتبر صموئيل اللغة العبرية هي اللغة الرسمية بجانب العربية والانجليزية وأضاف إلى كلمة فلسطين بالعبرية א''י كرمز لكلمتي "ايرتس يسرائيل" اي "أرض إسرائيل ".


ثانياً: سمح لليهود بأن يكون لهم نظام تعليم منفصل عن نظام حكومة فلسطين وبنوا ايضاً نواة وزارة الطاقة وايضاً وزارة الأشغال ووزارة المياه.
واهم ما عمله الانجليز لليهود هو أن سمحوا لهم بأن يكون لهم جيش منفصل عام 1920.


فقد حمت بريطانيا الوكالة اليهودية والتي كانت بمثابة الحكومة اليهودية وقت الانتداب وأعطوها كل المساعدات المادية وساعدوا على إخفاء نفسها فهي مهارة صهيونية مؤامرة بريطانية وبساطة عربية فلسطينية.


في عام 1921 ومع التحيز البريطاني لليهود وازدياد عدد الفلاحين المطرودين من الاراضي الزراعية بدأت مجموعات من الثوار في الظهور في المناطق الريفية، ونظمت مظاهرات حاشدة ضد الصهاينة. وفي عام 1933 تصاعدت المظاهرات والاحتجاجات الشعبية في فلسطين ولكن السلطات البريطانية قمعتها.


أدرك بعض الصهيونيين من ذوي الثقافة "الليبرالية"( ) أن تحقيق الهدف الصهيوني بإقامة وطن في فلسطين؛ سيكون باعثاً على خلق سلسلة طويلة من أحداث الصراع الدموي بين العرب واليهود، وكان من الأفضل بالنسبة لهم أن يعيش العرب واليهود في سلام دائم على أرض فلسطين، لذلك بدأت المساعي الصهيونية للاتفاق مع العرب في أواخر القرن الماضي (العشرين)، ولم تتمخض الاتصالات الصهيونية العربية في تلك الفترة السابقة على نشوب "الثورة الفلسطينية الكبرى"( )عن أي اتفاق، كما أفادت الوكالة اليهودية المندوب السامي البريطاني – سير آرثر واكهوب – منذ أغسطس عام 1933 بمعارضتها لأي إصلاح دستوري في سبيل إقامة حكم ذاتي في البلاد، وبالتالي رفض فكرة إنشاء مجلس تشريعي في فلسطين التي طالب العرب بتنفيذها.


وطرحت على الساحة الصهيونية وقتئذ فكرة النقل السكاني كبديل لفكرة إقامة الدولة ثنائية القومية في فلسطين، وفي عام 1937 أقرت لجنة بيل مبدأ ترحيل الفلسطينيين من اراضيهم عند الضرورة، وفي عام 1938 سمحت بريطانيا لليهود بحمل السلاح للدفاع عن النفس بحجة انهم اقلية. وكانت نتيجة هذا الاقتراح مبدأ من أهم اسس المشروع الصهيوني ان الغاية تبرر الوسيلة، انه في عام 1940 وصلت ميناء حيفا السفينة الفرنسية "باتريا" وعلى متنها قرابه الـ 1800 مهاجر يهودي غير قانوني فقررت الحركة الصهيونية تفجير جانب من السفينة لإجبار الجانب البريطاني على إدخال المهاجرين غير الشرعيين حيث قتل في العملية 240 يهودياً.


بداية المؤامرة الأميركية الصهيونية

أدرك اليهود تغير الموازين الدولية.. فنقلوا مركز ثقلهم إلى أميركا وعقدوا مؤتمرهم الصهيوني في نيويورك بتاريخ 9 مايو 1942 وهو المؤتمر الذي صار يعرف باسم مؤتمر بلتيمور.



وثيقة بلتمور



برنامج بيلتمور هو برنامج من قبل مؤتمر قادة اعتمدت الصهيونية، الذي اختير فندق بلتيمور في نيويورك، الذي عقد في مايو عام 1942. المؤتمر من قبل رئيس المنظمة الصهيونية الأميركية، أبا هيلل سيلفر، بالتعاون مع الرئيس من منظمة الصهيونية العالمية، حاييم وايزمان، ورئيس الوكالة اليهودية، ديفيد بن غوريون.




وإذا كان وعد بلفور يمثل قاعدة انطلاق اليهود في تحقيق أحلامهم مع بريطانيا، فإن مؤتمر بلتيمور مثل فرصة لتثبيت دعائم دولة اليهود في فلسطين. ولقد انتزعوا تصريحاً رسمياً (بهذه المطالب) من فرانلكين روزفلت رئيس الجمهورية الأميركية بتاريخ 16 مارس 1944م.

وكانت أهم قرارات هذا المؤتمر الذي لعب فيه بن غوريون دوراً حاسماً هي:


• تهجير اليهود إلى فلسطين لتحقيق الأكثرية.
• رفض الكتاب الأبيض وتحقيق وعد بلفور وصك الانتداب بإقامة الدولة اليهودية في فلسطين.
• إنشاء جيش يهودي، تعترف به الدولة.
• الإسراع في إنشاء دولة إسرائيل في فلسطين، وحدّدوا حدودها كما يلي:


(تمتد حدود الدولة اليهودية المزمع إنشاؤها من ميناء صيدا شمالاً إلى العريش جنوباً على ساحل البحر الأبيض، إلى ميناء العقبة وخليجها على البحر الأحمر. وليس نهر الأردن حداً للدولة اليهودية بل هو عمودها الفقري، فهي تمتد إلى ما وراءه بحيث تضم المقاطعة المعروفة بشرق الأردن، وحتى الجبال المشرفة على باديتي الشام والحجاز. إن المناطق المتاخمة لهذه الحدود، يجب أن تدخل في أي حال من الأحوال في دائرة نفوذ الدولة اليهودية بعد إنشائها وتثبيت دعائمها بحيث تبسط نفوذها اقتصادياً وسياسياً على بيداء الشام حتى نهر الفرات شمالا وشرقا، وحتى أطراف سيناء وجبل السويس جنوباً. فهذه المناطق هي المجال الحيوي الذي لا بد منه للدولة اليهودية المقبلة).


وبعد بلتيمور أصدرت الحركة الصهيونية منشوراً باسم الجمعية العسكرية اليهودية تعلن فيه فتح أبواب فلسطين لليهود، كما تعلن أن غاية اليهود هي إنشاء مملكة اليهود الكبرى في وطنهم التاريخي وإجبار بريطانيا على التخلي والرحيل عن فلسطين، وقرنت القول بالفعل:
•فقد نسفوا وفي وقت واحد دائرة الهجرة في كل من القدس وتل أبيب وحيفا في 12 فبراير 1944.
• ونسفوا دائرة الأراضي وهاجموا دوائر البوليس، واغتالوا عدداً من الضباط البريطانيين.
• وفي 6 نوفمبر 1944 قتلوا اللورد موين وزير الدولة البريطاني في القاهرة.
ولم يوقف اليهود مقاومتهم للاحتلال البريطاني إلا بعد صدور قرار التقسيم في 29 نوفمبر 1947.
قرار التقسيم

في نوفمبر 1947 بلغ عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة 57 دولة فقط. ما زالت الدول المهزومة في الحرب العالمية الثانية  - ألمانيا، اليابان وحلفائها - خاضعة لسلطات الاحتلال أو ممنوعة من الانضمام إلى المنظمة الدولية. أما أغلبية دول القارة الإفريقية وآسيا الجنوبية الشرقية فما زالت خاضعة للسلطات الاستعمارية ولم تكن مستقلة. وشارك في التصويت 56 دولة، أي جميع الدول الأعضاء باستثناء دولة واحدة هي مملكة سيام (تايلند حاليا). وافقت الدول العظمى في ذلك الحين - الاتحاد السوفياتي، الولايات المتحدة وفرنسا - على خطة التقسيم، باستثناء بريطانيا التي دارت سلطة الانتداب والتي فضلت الامتناع. ومن بين الدول المعارضة للخطة كانت جميع الدول العربية والإسلامية وكذلك اليونان، الهند وكوبا.


بذل زعماء الحركة الصهيونية جهوداً كبيرة لإقناع الدول المترددة، واستعانوا بالديبلوماسيين الداعمين للخطة داخل الأمم المتحدة من أجل تأجيل التصويت من الـ 26 إلى الـ 29 من نوفمبر، مما أعطاهم الفرصة لإقناع ليبريا، الفيليبين وهايتي بالتصويت مع مؤيدي الخطة، وتأمين دعم ثلثين من الدول الأعضاء، وهي النسبة التي كانت لازمة لإقرار خطة التقسيم. حاولت الدول العربية منع هذا التأجيل فتنازل مندوبوها عن إلقاء خطاباتهم توفيراً للوقت، ولكن البعثة الأميركية المؤيدة لخطة التقسيم أصرت على تأجيل جلسة التصويت إلى ما بعد عيد الشكر الأميركي الذي حل في ذلك العام في 27 نوفمبر.


مع أن الخارجية الأميركية قررت عدم ممارسة الضغوط على دول للزيادة من الدعم، مارس بعض السياسيين ورجال الأعمال الأميركيين الضغوط على الدول المترددة التي كانت متعلقة اقتصادياً بالولايات المتحدة.
ليبريا:


فالذي ضغط على ليبريا مثلاً كان المليونير الأميركي المشهور هارفي صمويل فايرستون Harvey Samuel Firestone صاحب مزارع المطاط في ليبريا وصاحب مصانع الإطارات المشهورة فايرستون Firestone.


في مساء 29 نوفمبر جرى التصويت فكان ثلاثة وثلاثون صوتاً إلى جانب التقسيم، وثلاثة عشر صوتاً ضدّه وامتنعت عشر دول عن التصويت، وغابت دولة واحدة، وكانت الدول الـ33 التي وافقت على القرار هي: أستراليا، استراليا بلجيكا، بوليفيا، البرازيل، بيلوروسيا، كندا، كوستاريكا، تشيكوسلوفاكيا، الدنمارك، الدومينيكان، الايكوادور، فرنسا، غواتيمالا هاييتي، آيسلندا، ليبيريا، لوكسمبورغ، هولندا، نيوزيلندا، نيكوراغوا، النرويج، بنما، الباراغوي، بيرو، فيليبين، بولونيا، السويد، أوكرانيا، جنوب أفريقيا، الاتحاد السوفياتي، الولايات الأميركية المتحدة، الأوروغواي وفنزويلا.



والدول الـ13 ضد القرار
هي أفغانستان، كوبا، مصر، اليونان، الهند، إيران، العراق، لبنان، باكستان والسعودية، سوريا، تركيا، اليمن.


أما الدول العشر التي امتنعت عن التصويت
فهي: الأرجنتين، تشيلي، الصين، كولومبيا، سلفادور، أثيوبيا، هندوراس، المكسيك، المملكة المتحدة ويوغوسلافيا. وغابت تايلند عن التصويت.


وعندما أعلنت النتيجة انسحب المندوبون العرب من الاجتماع وأعلنوا في بيان جماعي رفضهم للخطة واستنكارهم لها.

قال وزير الدفاع الأميركي آنذاك "جيمس فورستل" في مذكراته تعليقاً على هذا الموضوع:
 "إن الطرق المستخدمة للضغط ولإكراه الأمم الأخرى في نطاق الأمم المتحدة كانت فضيحة".


رفضت القيادات العربيّة والفلسطينيّة قرار التقسيم، واعتبرته قراراً ظالماً ومجحفاً بحقّ الفلسطينيّين. وفي الخامس عشر من أيّار عام 1948، اليوم المقرَّر لانسحاب القوّات البريطانيّة من فلسطين، أعلن دافيد بن غوريون قيام دولة إسرائيل على الجزء الذي خصّصه قرار التقسيم للدولة اليهوديّة، والذي - حتّى نهاية الحرب وتوقيع اتّفاقيّات الهدنة في ربيع عام 1949 - ألُحِقَ به 26% من المساحة المخصَّصة للدولة العربيّة، لتضمّ إسرائيل 78% من مساحة فلسطين التاريخيّة البالغة نحو 27 ألف كيلو متر مربّع، بينما بقي 22% من هذه المساحة ليخضع تحت الفلسطينيون في إسرائيل.


والجدير بالذكر هنا أنه في معظم الأحيان لن يتم تجاهل الصيغ الأخرى التي تستخدم في تناول الموضوع. فعلى سبيل المثال، لم يلاحظ أحد كثيرا ما كشف عنه "ناحوم جولدمان"، في جريدة "لوموند دبلوماتيك الفرنسية في شهر اغسطس 1979"، فقد اتهم "جولدمان" الذي ترأس لأكثر من ثلاثين عاماً المؤتمر اليهودي العالمي الموالي الصهيونية، لأنه لم تتم استشارة العرب في ما يخص تقسيم فلسطين في عام 1947، كما أن رغبتهم في التفاوض بشأن حل وسط سياسي كان من الممكن من خلاله تجنب حرب عام 1948، استبعدها "بن جوريون" وقلل من شأنها، قبل مايو 1948.

حرب 48 تطهير عرقي لفلسطين

كان اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية، يُعِدّون العدة لفرض الوجود الصهيوني بالقوة، وتمكنوا خلال فترة الحرب من حشد الكثير من الأسلحة ومارسوا بعض الأعمال الإرهابية ضد الإنجليز لتتراجع بريطانيا عن سياستها الواردة في الكتاب الأبيض، ونجح هذا الأسلوب الإرهابي في إجبار بريطانيا على التراجع، كما أفاد في تقوية العناصر المسلحة الإسرائيلية، ومنذ أوائل أبريل عام 1948، أي قبل 40 يوماً من إعلان قيام دولة إسرائيل شنت القوات الصهيونية هجوماً مسلحاً كان جزءاً من خطة عُرفت باسم "داليت".( ) وقد شمل الهجوم منطقة الساحل الفلسطيني والمناطق الأخرى الواقعة غرب القدس. وضمن هذه الخطة ارتكبت القوات الصهيونية العديد من المجازر والمذابح مثل (مجزرة سعسع، مذابح الرملة، مجزرة الدويمة)، ومذبحة "دير ياسين"( ) الرهيبة، وفي الفترة نفسها شنت القوات اليهودية هجومها على مدينة يافا فسقطت ولحقتها حيفا وطبريا، وهكذا في الفترة من أول أبريل وانتهت في 14 مايو نجحت الحركة الصهيونية في إنشاء دولتها على معظم أراضي الساحل الفلسطيني. وقد نتج على هذا "اقتلاع ما يقارب من 300 ألف مواطن فلسطيني من مدنهم وقراهم".( ) ولما عجزت الحكومة البريطانية عن التوفيق بين التزاماتها تجاه أطراف النزاع، قررت أخيراً عرض القضية على الأمم المتحدة التي أصدرت قرارها بتقسيم فلسطين بمجرد إنهاء الانتداب البريطاني قبل 1/8/1948 إلى دولة يهودية عربية مع تدويل منطقة القدس.


ففي العاشر من آذار 1948، عقدت قيادة الهاغاناه اجتماعاً في البيت الأحمر - مقرّ حركة العمّال في تل أبيب - وضمّ أحد عشر قياديٍّا بارزاً ومسؤولاً عسكريٍّا، على رأسهم بن غوريون، حيث أقرت الخطة داليت الرامية إلى تطهير الجزء الأكبر في فلسطين، وفي الليلة نفسها، صدرت الأوامر للوحدات العسكريّة بالتهيّؤ لطرد الفلسطينيّين. حملت الأوامر الصادرة - بحسب المؤرّخ إيلان بابيه - تفاصيل دقيقة حول أساليب تنفيذ التطهير العرقيّ: التخويف الشديد؛ فرض الحصار؛ تفجير قرى ومراكز مدن؛ إشعال النيران في البيوت والممتلكات، الطرد؛ الهدم؛ وأخيراً، زرع الألغام في الأنقاض لضمان عدم عودة السكّان.



وقد وُزّعت المهامّ على الوحدات المسلَّحة، وزُوّدت كلّ وحدة بقائمة تتضمّن أسماء القرى أو المدن التي عليها إخلاؤها (بابيه، 2006). كان في الهاغاناه فرق عدّة تحت تصرّفها، تسلمت كلّ واحدة لائحة


بالقرى التي عليها احتلالها وتدميرها. كانت هذه القرى تُحاصَر من ثلاث جهات، وتُترك الجهة الرابعة منفذاً للفرار. نفّذت القوّات الصهيونيّة العديد من المجازر ابتغاءَ إلحاقِ الرعب بالسكّان الفلسطينيّين نذكر منها هنا على سبيل المثال لا الحصر: احتلال ومجازر قرية سعسع، احتلال مدينة بئر سبع، ثم بدأت مرحلة الغزو فتم فيها الاغتصاب الشامل بعد انسحاب الانتداب متواطئاً في 1948م. وعن طريق حرب ضد العرب يسميها اليهود بحرب الاستقلال "عن الاستعمار البريطاني" أو حرب التحرير "من الاستعمار العربي". وفي هذه الحرب التي حددت مصيرها سياسة التسليح ومناورات السياسة من جانب الدول الاستعمارية طرد نحو مليون من العرب الأصليين خارج الأرض المحتلة، بينما تدفقت الهجرة الكبرى لتجمع في النهاية نحو المليونين أو الثلاثة من الصهيونيين الذين يمثلون حوالي 13% من اليهودية العالمية.



اما بالنسبة لفلسطين، فكانت الحرب هي النكبة والكارثة التي حلّت بأبناء الشعب الفلسطينيّ عام 1948 إثر قيام القوّات الصهيونية (الإسرائيليّة لاحقاً) بعمليّة تطهير عرقيّ واسعة ابتغت إخلاء فلسطين من سكّانها الأصليّين، في سبيل إقامة دولة قوميّة لليهود وكان احتلال فلسطين – مثلما ذكر – الصحافي البريطاني المتخصص في قضايا الشرق الأوسط "ديفيد هيرست" أسوأ من الاستعمار مقارنة بالاستعمار الأوروبي، لأن الهدف لم يكن استغلال أهل البلد بل طردهم.


هذه النكبة التي أدت إلى حدوث مأساة لشعب وارض فلسطين ليست مأساة محلية، بل هي كما ذكر المؤرخ البريطاني "أرنولد توينبي" في شهادته على نكبة فلسطين:


"إن مأساة فلسطين ليست مأساة محلية.. إنها مأساة العالم، لأنها ظلم يهدّد السلام العالمي".
او كما ذكر المؤرخ الإسرائيلي "إيلان بابيه":


"لسنوات طويلة بدا مصطلح النكبة، الكارثة الإنسانية، مصطلحاً كافياً لتقديم (وصف) كل من أحداث العام 1948 في فلسطين وتأثير تلك الأحداث على حياتنا اليومية. أعتقد أن الوقت قد حان لاستخدام مصطلح آخر وهو التطهير العرقي في فلسطين".



وهذا هو حقيقة الأمر، وأقرب توصيف لما حدث في نكبة 48 للشعب الفلسطيني فقد أدّت عمليّات التطهير إلى طرد نصف السكّان الفلسطينيّين من أرضهم، وَ85% من الفلسطينيّين الذين كانوا يعيشون في ما أصبح يُعرف لاحقاً بِـ"دولة إسرائيل" حُوِّل هؤلاء الفلسطينيّون لاجئين يعيشون في الدول العربيّة المجاورة، إضافة إلى الضفّة، بالإضافة لقتل وجرح آلاف الفلسطينيّين.
ترافقت النكبة بالعمل مباشرة على تصفية الملامح العربيّة للبلاد وبعمليّة تدمير المشهد الفلسطينيّ من خلال تغيير المشهد الثقافيّ والاجتماعيّ والرمزيّ كذلك. وبدأت معها عمليّة عَبْرَنة وتهويد مزدوجة، إذ حُوِّلت مساكن وبيوت اللاجئين الفلسطينيّين المفرغة  –في الكثير من المدن العربيّة - إلى مساكن لاستيعاب المهاجرين اليهود، من جهة، وجرى إحلال تسميات جديدة توراتيّة وصهيونيّة ويهوديّة مكان الأسماء الفلسطينيّة.

وقد وصف" موشيه ديان"، بصورة واضحة، عمليّة تهويد وتحويل فلسطين إلى إسرائيل في محاضرة له أمام مجموعة من الطلبة في معهد التخنيون وجاء فيها:



الكلام الذي قاله "موشي ديان" أمام الطلبةفي معهد التخنيون بتاريخ 19-3-1969



"لقد حلّت قرى يهوديّة مكان قرى عربيّة. ليس في مقدوركم أن تعرفوا اليوم حتّى أسماء تلك القرى العربيّة. وأنا لا ألومكم، فكتب الجغرافيا لم يعد لها وجود؛ بل إنّ القرى العربيّة ذاتها لم يعُد لها وجود. لقد حلّت نهلال مكان معلول، وجبعات مكان جبع، وسريد مكان خنيفس، وكفار يهواشوع مكان تلّ الشمام. ليس هناك مكان مبنيّ واحد في هذه البلاد لم يكن من قبل مسكوناً بالعرب".


وإذا كانت النكبة تعني ترحيل الإنسان الفلسطيني من أرضه والاستيلاء عليها بالقوة ضمن هذين المركبين، فتكون النكبة بدأت منذ عشرات السنين قبل 48، ولأنه لولا بريطانيا لما استطاع اليهود من الهجرة إلى فلسطين والاستحواذ على الارض ولم يكن اليهود يفعلون ذلك دون الحماية من الحكومة البريطانية، ولم يكن لبريطانيا أي حق في إعطاء أرض فلسطين لليهود. وهذا ما شهد به المؤرخ الإسرائيلي بجامعه اكسفورد ببريطانيا دكتور "آفي شليم":


"لم يكن لبريطانيا حق أخلاقي أو سياسي أو قانوني يخول لها بإعطاء أرض هي ملك للعرب للأناس آخرين.. كان وعد بلفور غير أخلاقي وغير قانوني".


في يوم 14 مايو 1948 كان (دافيد بن جوريون) رئيس أول حكومة مؤقتة لإسرائيل يعلن عن قيام الدولة اليهودية في أرض إسرائيل وناشد الشعب اليهودي في المنفى أن يقف إلى جانبها في الصراع الوشيك مع العرب من أجل تحقيق حلم الصهيونية.


وبعد ثلاثة أشهر من إعلان قيام الدولة، صرّح بن غوريون، أمام فريق من الصهيونيين الأميركيين، بقوله "على الرغم من تحقيق حلم إقامة الدولة اليهودية، فإننا لا نزال في بداية الطريق. فعدد اليهود في إسرائيل هو تسعمئة ألف فقط. ومهمتنا التالية هي استقدام جميع اليهود إلى إسرائيل". ( )
وقد اعتبرت إسرائيل نفسها منذ ذلك الوقت "إسرائيل الصغرى" فقط، على أساس أن هدفها المعلن هو "إسرائيل الكبرى" من النيل إلى الفرات.



خريطة إسرائيل الكبرى



وفي سبيل تحقيق هذه الخطة، قامت بحروب ضد الدول العربية عملت فيها بالتواطؤ مع دول الاستعمار الغربي.
كان قد مر على قيام دولة إسرائيل حوالي سبع سنوات، والفترة منذ قيامها في 15 مايو 1948 حتى 28 فبراير 1955، لم تكن فترة هدوء عسكري بين إسرائيل والعرب المجاورين لفلسطين. فقد كانت هناك استفزازات إسرائيلية مستمرة تستهدف خلق أجواء من التوتر في ظل عدم وجود رادع عسكري عربي، وكانت عين الكيان الإسرائيلي دوماً على مصر بعد قيام ثورتها في يوليو 1952. وهذا ما يؤكده "موشيه شاريت"( ) في مذكراته حيث قال:


"في تشرين الأول 1953 إن قادة إسرائيل كان لديهم استعداد لاحتلال سيناء، لكنهم أصيبوا بخيبة أمل، لأن المصريين لم يسهّلوا مهمة الاحتلال، وأنهم حين يرتكبون «مجزرة بشعة» يسعون لاختراع عملية مثيرة تالية لصرف انتباه العالم عن العملية الأولى".


ويسجل شاريت في مذكراته أيضاً بأنه في شباط 1954 أن بن غوريون اتهمه بعدم الجرأة لاعتراضه على دفع الموارنة في لبنان
"إلى إعلان قيام دولة مسيحية في لبنان... لبنان أضعف حلقة في جامعة الدول العربية... مصر هي أكثر الدول العربية إحكاماً وصلابة".


 على حدّ وصف بن غوريون في خطاب أرسله لشاريت. لكن شاريت، ردّ على بن غوريون معتبراً إعلان دولة مسيحية في لبنان:


"في الظروف الحالية... ستعتبر مضاربة غير محسوبة... لمصلحة مميزات تكتيكية مؤقتة لإسرائيل".
 لكنه لم يرفض المبدأ إلا لأنه في تلك الظروف «مغامرة مجنونة» سوف تسبّب خسارة.
والجدير بالذكر هنا أنه عندما طالب مساعد وزير الخارجية الأميركية السيد "بايرود" سنة 1954 بإيقاف هجرة اليهود، والتعويض على الفلسطينيين، مقابل "معاهدة سلام" مع العرب، قامت قيامة إسرائيل ومؤيديها في الولايات المتحدة، وعندما خاطبهم السيناتور "فولبرايت" William Fulbright في جامعة تل أبيب بأن يقبلوا السلام مع العرب، وجهت إليه الإهانات وأوقفوه عن الكلام



ولذلك سارعت إسرائيل بوضع خطط لتوتير العلاقات بين القاهرة وكل من بريطانيا والولايات المتحدة، ومن ضمن هذه المخططات الفاشلة، ما عرفت بعملية "سوزانا" وهي عملية سرية إسرائيلية استهدفت تفجير أهداف مصرية وأميركية وبريطانية في مصر في صيف عام 1954، ولكن العملية اكتشفتها السلطات المصرية وسُمّيت باسم فضيحة لاڤون، نسبة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك بنحاس لاڤون الذي أشرف بنفسه على التخطيط للعملية.


يتبع.......




آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net